إن الحديث في مثل هذه المواضيع يطول و يطول ،، فلقد أشارت كثير من المصادر والمراجع و الأقلام الغيورة على لغتها و أداة فخرها و عزها إلى أهم النقاط التي تستوجب منا الوقوف والنظر والتأمل في محاولة جادة إلى مناقشة تلك المزاعم الباطلة و التي تحاول النيل من لغتنا العربية الفصحى .. و سأتطرق هنا إلى مناقشة الدعوة إلى العاميّة .. مناقشة الدعوة إلى العامية من المعروف فطرة أن عدوك لايريد بك الخير، و إن بدر منه ما تظن أنه خير فلك أن تشك فيه أو أن تفسره بالحرص على مصلحته الخاصة ولاتثريب عليك، و مع اقتناعنا بما سبق فإننا سنناقش بعض هذه الآراء اتباعا للمنهج العلمي، و محاورة لمن اغتر بهذه الدعوة، و بهره.بريق التجديد من أبناء المسلمين فنقول : 1- العربية ليست غريبة على أفهام الناس كما يدعون والدليل على ذلك أن لغة الإنشاء العصرية شائعة في الصحف والمجلات ومع ذلك فلم يشتك أحد من عدم فهمه، بل ترى الأطفال الصغار يتابعون البرامج الكرتونية المدبلجة ويفهمونها ويتفاعلون معه، ولو فات العاميّ فهم بعض الألفاظ من الفصحى فإنه يفهم المعنى الإجمالي ولاشك. 2- أن التقعر في الكلام واستجلاب الغريب ليس عيباً في العربية بل هو عيب في المتحدث. 3- ليست اللغة العربية بدعا في اللغات بامتياز اللغة المكتوبة فيها عن اللغة المحكية، والزعم بانفرادها بذلك زعم باطل فالإنجليزيون والألمان والفرنسيون كذلك. 4- أن الدعوة إلى العامية دعوة تحمل بين طياتها معاول تفريق الأمة العربية والإسلامية، لأن هذا يؤدي إلى القومية والحزبية المقيتة. 5- ثم ماهي اللهجة العامية التي يمكن الاتفاق عليه، وهل سيتم الاتفاق على لهجة معينة ؟ وكيف يتم نشرها ؟؟؟ أسئلة كثيرة في هذا الجانب. 6- ما الحل في تراث المسلمين ؟ وكيف يقرأ المسلمين كتاب ربهم وسنة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم ؟ أيظل يقرأ في المساجد كما تقرأ اللاتينية في الكنائس الكاثوليكية، إن هذه الدعوة دعوة خطيرة ذلك أن الدعوات التي تستهدف هدم الدين والأخلاق قد تضل جيلا من الشباب ولكن الأمل في إنقاذ الجيل القادم يظل كبيرا ما دام القرآن حيا مقروءا وما دام الناس يتذوقون حلاوة أسلوبه وجمال عبارته، أما هذه الدعوة فهي ترمي إلى قتل القرآن نفسه-وهيهات-والحكم عليه بأن يصبح أثرا ميتا كأساطير الأولين، أو بأن يصبح أسلوبه عتيقًا باليًا بتحويل أذواق الأجيال الناشئة عنه، وتنشئتهم على تذوق ألوان أخرى من الأساليب المستجلبة من الغرب . 7- أن صعوبة اللغة ترجع في حقيقة الأمر إلى بعض المستشرقين الذين حاولوا تعلم اللغة العربية وهي شديدية البعد عن لغتهم الأروبية في بناء الكلمات، ونظام التأليف وعادات النطق. 8- أن كثيرا من الحجج التي ذكروها غير مفسرة ومعلوم في علم الجرح والتعديل أن الجرح لايقبل إلا إذا كان مفسر، فماذا يقصدون في قولهم : إن اللغة عاقة المصريين عن الاختراع ؟ وما علاقة اللغة بالاختراع ؟ ها هم العوام يتحدثون العامية التي رضعوها مع اللبن فأين التقدم الذي حققته لهم ؟ وأين الاختراع الذي أنجزوه إثر حديثهم بها ؟. 9- أن العامية لاتصلح للكتابة، ولو أردنا استخدامها لتدوين العلم والأدب فإننا نضطر إلى الاستعانة بالفصحى فنعود إلى الازدواجية التي فررنا منه، ومن الصعب جدا على الإنسان أن يكتب بلهجة عامية خالصة، فالعربية أصل والعامية خليط من اللغات واللهجات وغالبها منبثق من العربية الفصيحة فعند الازدواج والاختلاف يرجع إلى الأصل والمورد الأصفى وهي العربية. 10- ادعاء أن الاكتشافات كثيرة وليس في العربية كلمات للدلالة عليها ادعاء فارغ مع أنه يظهر بمظهر الضخامة، وباب الاصطلاح ليس مغلقا في العربية مفتوحا في غيره، فكل مستكشف كان غير معلوم ومستكشفه يصطلح له على لفظ يتخذ اسما له. إنه لعجيب حقا ! ففي الوقت الذي ينادي فيه أبناء المسلمين من العرب بالتخلي عن لغتهم التي تعد من أبرز اللغات الحية نجد اليهود يحيون العبرية وهي لغة قديمة ميتة، فهل يلتفت المسلمون إلى قيمة هذه اللغة التي تنساب على الألسنة انسياب الماء البارد في فم العطشان، وهل يحافظ الجيل على لغة جرت على لسان أفضل إنسان في زمن من خير الأزمان ؟ نعم هو كائن إن شاء الله. 11- ونقول للذين يدعون إلى تطوير اللغة تأسّياً بتطور اللغات الأوربية : إن هناك فرقا بين التطور والتطوير، فتطور اللغة هو أن تفرض عليها قوانين قاهرة هذا التطور، أما التطوير فهو سعي مفتعل إلى التطور، وإرادة إحداث له دون أن تكون هناك مبررات تستدعيه. وثبات العربية مزية لها وتطور اللغات الأخرى نكبة على أصحابه، فالإنجليزي اليوم من عامة الشعب لايستطيع أن يفهم لغة شكسبير الذي مات في القرن السابع عشر الميلادي . انظر : الإتجاهات الوطنية / للدكتور محمد محمد حسين 2/365 2/367. ____________________________________ اللُّغةُ العربيةُ في صَفَحَاتْ :
التعديل الأخير تم بواسطة جـروح نازفـة ; 20-10-2008 الساعة 00:13 |