- يَومِيّات - مُنْذُ الـ رَابعَةَ عشَرَ مِن عُمرِي وَ أنَا أتَمنّى لَو كَانَ بـِ استِطَاعتِي كِتابَة يومِيّاتِي , وفِي كُلّ لَيلَة أحمِلُ دفتَرِي وَ قلمِي الوَردِي ,
وكُنتُ أفكّرُ دائِمَاً مِن أيّ نُقطَة عليّ أن أبْدَأ , وتسائَلتُ مِراراً عَن كَيفِيّةِ البِدَايَة , واحتَرتُ بينَ الكِتَابَة بـِ العَربِيّة الفُصحَى أو العَامِيّة الدارِجَة , وتوقّفتُ عِندَ ما إذا كانَ لديّ مِنَ الأمرِ المُهمّ ما يستحِقّ الكِتَابَة عَنه,
وفِي كُلّ لَيلَة كُنتُ أزَاوِلُ ذاتَ العمَل وكَان يجُولُ فِي فِكرِي ذاتَ التَفكِير وَ أنتَهِي بـِ التَيهِ , وَ الإِحسَاس بـِ قُبحِ ذاتِي الشَدِيد, لا أعلَمُ لماذا كُنتُ أتصَرّفُ بـِ هذهِ الطَرِيقَة العَجِيبَة !
لازِلتُ أتذّكَرُ جيّدَاً كَيفَ كُنتُ أضعُ اللّومَ عَلَى الأَوراقِ وخشُونَتهَا , وكَيفَ أنّ ملمسَهَا لا يتلائَمُ مَعَ ما يجُولُ فِي خاطِرِي, وَعلَى الحِبرِ المَوضُوعِ فِي أنبُوبَة غرِيبَة [القَلَم] !
لا زِلتُ أتذّكَر أنّي تمنّيتُ لو كَانَ معَ الحِبرِ رِيشَة بدلاً مِن الآلِيّة الغَرِيبَة المَاثِلَةِ أمَامِي ,
وبعدَ أَن ألُوم أوراقِي وأقلامِي أُمارِسُ الحُلمَ يقِظَةً حتّى أغفُو وَ أمَارِسُ حُلمَاً آخَر , وَ الفَرقُ بَينَ الحُلمَين, أنّ أحدَهُمَا بـِ إرادَتِي والآخَرُ بـِ دُونِهَا ,
وفِي الصبَاح أُعِيدُ التفكِيرَ فِي الحُلمِ الإرادِي ولا ألبِثُ أن أتذّكَرُ أنّي لَم أكتُب يوميّاتَ الأمس , وأنّي ضيّعتُ يومَا مِن حيّاتِي مِنَ المُمكِنِ أن يُنسَى فِي متَاهَاتِ ودهالِيزِ الحيَاة , وألُومُ نفسِي فِي نِسيَانِ ذِكرياتِي الجمِيلَة دائِماً ,
ولازِلتُ أشعُر بـِ أنّهُ يجِب عليّ وعلى كُلّ إنسَان أن يلتَزِمَ بـِ كِتابَةِ يومِيّاتِه ,!
لا لـِ شيء سِوَىَ لـِ يُحَافِظَ عَلى ذِكريَاتِه , ولـِ يتعلّمَ مِن قِصَصِه , ولـِ يعتَبِرُ مِنهَا !!
فَنحنُ نَفعَلُ وَ نَنسَى , وَ نُتَألّمُ وَ نَنسَىَ , وَ نبكِي وَ ننسَى , وَ نضحَكُ وَ نَنسَى ,
وَ نُجرَحُ وَ لا نَنسَى,
قَد يظنّ بعضُنَا أنّهُ بـِ إمكَانِهِم تذّكُر الكَثِير ونِسيَانَ القَلِيل, ومَعَ ذلِكَ لا يكتُبُون هذا القلِيل معَ أنّهُ قلِيل,وبـِ كِتَابَتِه , ستكُونُ فصُول حيَاتهم حيّة أمَامهُم دائِمَاً ,
ويظّنُ آخرُون أنّهُ بـِ إمكانِهِم نِسيَان الكَثِير وتذّكُرَ القَلِيل, ومَعَ ذلِكَ لا يكتبُون هذا الكَثِير مَعّ أنّهُ كَثِيرُ وَ سَيُنسَىَ!
أمّا عَنّي فـَ لا أعلَمُ ما هُوَ سِرُّ تِلكَ الحَالَةِ التِي كَانَت تُصِيبُنِي , لِلعِلم بـِ أنّنِي حاوَلتُ كَثِيراً كِتَابَة يوميّاتِي ,!
أظُنّ السبَب يكمُن فِي كَون لا إرادَة قويّة كَانَت تسكُنُنِي ولا عزِيمَة ,
قبلَ عِدّةِ أيّام دخَلتُ عَامِي السَابِع عشَر , ولـِ توّي خلَقتُ هذِهِ الإرادَة لـِ البَدئِ الآن , .
.
.
سابِقَاً كُنتُ لـَ أقُول [ثلاث سنِين كَانَت لـِ تُوشم عَلَى بيَاضِ الوَرَق فإن حاصَرَت دهَالِيز الأيّام أوشِحَةَ الذَاكِرَة سيبقَىَ ما فِي الصفَحَات لَا يُمحِيهِ شيء ]
أمّا بعدَ أن نصَحَنِي أحدَهُم بـِ عدَمِ التحسّرِ علَى ما فَات والنظَرِ لـِ القَادِم ,
سـَ أقُول [ العُمرُ بـِ أكمَلِه ينتَظِرُنِي , سَأكتُبُهُ حتّى النَفَسِ/الرُمقِ الأَخِير] , .
.
.
شُكراً لـِ الصدِيق,
شُكراً لـِ الإرادَة,
شُكراً لـِ العزِيمَة ,
شُكراً لـِ عامِي السابِع عشَر ,
شُكراً لـِ 2009 ,
شُكراً لـِ الأنَا ,
شُكراً لـِ الأمَل .
أنَا الآن سَـ أفكّر , ولَن أختَارَ أقلامَاً ولَن أُلتَمِسَ أوراقَاً ,سَأكتُبُ وَحَسب! ____________________________________
نجدُ الإجابة.. حين ننسى الأسئلة*
|