3-2-2009
أفِيقُ
بِلا أصوَاتَ تُوقِظُنِي ,
بِلا أشّعَة تُداعِبُ جفنَاي ,
بِلا مُنبّه ,
بِلا حنَاجِرَ مُتحَشرِجَة,
بِلا إزعَاج ,
بِلا حرَكَة ,!
فَقَط أفَقتُ - وأطّلَ هذا الصَباحُ علَى غَير عَادَتِه ,
.
حِينَ يتخلّلُ الهدُوء جُدرَانَ مَنزلِي , أيقِنُ أنّ شيئَاً مُختلِفَاً كَان - أو - سيَكُون .
أسِيرُ فِي خُطَىً سَرِيعَة , يغمُرُنِي الإحسَاسُ بـِ الخَوف ,
أبحثُ عَنهُم , ولا أحَد ,
كُل الزَوَايا خَالِيَةٌ مِن أخْيِلَتهِم .
لِمَ كُل شيء يُشْعِرُنِي بـِ العُتمَة وَ الظلاَم وَ الفَقد , لِمَ. ؟!
مُواء القطّة في الخَارِج هُوَ الصَوتُ الوَحِيد الذِي يكَادُ يَتسّرَبُ لـِ أذنِي ,
,
"يُمّة ...., يُمّة......., وينكُم"
ولا مُجِيب ,!
لا أحِبُّ الاختِلاجَات التِي يُنجِبُهَا الخَوفُ فِيّ , فِي دواخِلِي .
صَوتُ خرِيرِ المَاءِ يَرسُمُ البَسمَة ,!
أطرُقُ باب الحمّام , يُمّة ؟ .. ابراهِيم ..؟
أطمَئِنُّ حِينَ أسمَعُ صَوتَ والِدَتِي , أسْألُهَا بـِ دهشَة عَن مكَانِهِم , تُجِيبُنِي أنِ اصبِرِي , لـِ أخرُج ,
لا أعلَمُ لماذَا أنَا خائِفَة مِن فقدِهِم دائِمَا , لا أحِبّ إلاّ صَوت إزعَاجهِم في بيتِي , بـِ الرّغمِ مِن أنّي ,
أكثَر أفرَاد الأُسرَة تمرّدَا وغضَبَاً مِن الضَجِيجِ الـ يملأ المَنزِل دائِمَاً .
,
تخرُجُ والِدَتِي , لـِ ابتَسِمَ بـِ غبَاء , "يُمّة وين راحوا" ,
تُجِيبُنِي بـِ سُخرِيَة ,"راحَوا عند الجيرَان "
,
أبتَسِم , أعُودُ لـِ أستَلقِي , أفكّرُ , وَ أفكّر , وَ , القَلقُ يُغطّي محيَاي ,
اليَومُ مُربِك , شيءٌ مَا سيَحدُث , الحاسّة السَادِسَة تُنبِئُنِي ,
شيءٌ فِي الداخِل يَمنَعُ جسَدِي عنِ القِيَامِ بـِ أيّ فِعل ,
أخطُوا خطواتِي باتّجاهِ المطبَخ , أفتَحُ الثلاجّة , أغلِقُهَا دُونَ النظَرِ لـِ ما بداخِلهَا ,
وكَانّي أمارِسُ فعل أمُورٍ اعتدتُها بلا رغبَة , فقَط لـِ أحِسّ بـِ أنّ كُل شيء طبيعِي ,
أفتَحُ جهازَ الحاسُوب , أعبَثُ بـِ أزرارِه ,
أقرأ , بِلا تفكُّر ,
وأكتُبُ , بِلا شهيّة ,
أحمِلُ كأسَ المَاءِ , أقرّبُهُ مِن شفتَاي , أنظرُ إليه , أنَا لا أرِيدُ ماءً !
أعِيدُهُ لـِ موضِعِه . لـِيستَقّرُ بعدَ انْفِعالٍ أحدَثتُهُ فيه ,
أنظُرُ إلى الكأس , أنَا جعَلتُ المَاء يتحرّك بـِ ثورَةِ غضَب ,؟
ولكِن غضَب مِن ماذا , لا أعلَمُ والله لا أعلَم ,
أتذّكرُ ما قرأتَهُ في كتابٍ ما ,
بـِ أنّنَا نحنُ مَن نتحكّمُ في حالاتِنَا النَفسِيّة ,
نراها تتغلّبُ علينَا ويطغِي علينَا شعُورٌ مَا ,
وذلِكَ يدلّ على حدث فِي القُوى الباطنيّة للعقل ,
أحَاوِلُ أن أضبُطَ عقلِي , وأضبُطَ تحرّكَاتِي لـِ أنّي الآن ,
لَن أستطِيعَ مواصلَة يومِي بهذِهِ الطَرِيقَة ,
,
حسنَاً ,!
العصْرُ , وَ الفَوضَى , وكُل شيء حَولِي طَبِيعِي , وَ بـِ الرغمِ مِن أنّي فعَلتُ الكَثير ,
لـِ أتنَاسَى ذلِكَ الشعُور المُصاحِب لـِ القلَق ,
الحاسَة السَادِسَة تُشقِينِي اليوم, ويُرافِقُنِي الشعُور , بـِ الرغمِ مِن كُلّ شيء.
,
ويَاتِي المسَاء ,
وتَغرَقُ الدُنيَا بـِ سوادِهَا ,
ألَن ينتَهِي هذا اليَوم , وينتَهِي هذا الإحسَاس ,
أستَمِعُ لـِ المُحاضَرَة اليَوميّة , الـ تكُونُ هِيَ المُنقِذَة الوحِيدَة ,
حيثُ استطَاعَ المُحاضِر بـِ براعَة تامّة ,
أن يَأخُذنِي وقِصَصِه الهَادِفَة وكلامِه الجمِيل وأسلوبه المُبهِر لـ عوالِمَ أجمَل ,
وما أنِ انتهَت المُحاضرَة حتَى عادَ ذاتُ الإحساس !
وكَأنّها كانَت دواءً لـِ اللّحظَةِ فقَط ,
,
لَم يَخِب ظنّي , ومَا خابَ أبدَاً , ولَم تخُنّي الحاسّة السَادِسَة كمَا لَم تفعَل أبدَاً ,
تمُوتُ الكَلِمَات علَى شِفَاهِي , أستَنجِدُ بـِ اللّه , فهُوَ الوَحِيدُ الـ يَسمَعُنِي ,
أنَا , ومَا أنَا .!
أنَا ضُعف ,
أنَا بُكاء ,
أنا صرخات مُتتاليات ,
,
وجنّ اللَيلُ , كمَا لَم يسبِق أن يحِلّ بـِ هذهِ الطَرِيقَة , الـ أنَا تتألّم , وتُفكّر , وَ تضعُف , وَ تتيه ,
وتئِنُّ , فهِيَ , هِيَ وحدَهَا واللّه يُحِسّ بـِ ألَمِهَا !
لَن تَمُرّ لَيلَةٌ فِي حيَاتِي أصعَبُ عليّ مِن هذهِ اللّيلَة , فـَ أنَا الآن,لا أرانِي ,
أينَ أنَا وكُل هذا السَوادِ والعُتمَة ,
تعِبتُ وربّ الكَعبَة
تعِبتُ وربّ الكَعبَة
تعِبتُ وربّ الكَعبَة
تعِبتُ وربّ الكَعبَة
تعِبتُ وربّ الكَعبَة
تعِبتُ وربّ الكَعبَة
,
أغفُو .
لـِ أحلُمَ بـِ ذاتِ الكابُوسِ الذِي عشتُهُ اليَوم ,
ألا يكفِي مِقدارُ الألَمِ , لـِ يَقتُلَ ذاتِي ,
أيتَضاعَفُ لـِ يَقوَى مَفعُولَه .
أنَا ميتّة الآن . أنَا ميتّة , فقَط هِيَ أحلامِي الـ تَشتَعِلُ حيَاةً بـِ داخِلِي .
علّهَا يومَاً تُحيِينِي إن تحقّقَت
.