(القصَّة حقِيْقِيَّة كَانَ وقْعُهَا مُؤلِمَاً عَلَىَ نفْسِي , حدَثَت لإحْدَىَ الفَتَيَات , ورَوَتْهَا لِي بِلِسَانِهَا , ولا زِلْتُ أذكُرُ انكِسَارَهَا ودمُوعهَا , نوَدُّ لَو نَسْتَطِيع تَغْييرَهُم , ولكِنَّنَا لا نَمْلِكُ إلاّ بِضْعَ كَلِمَات نُوَاسِيْهِم مِن خِلالَهَا , ونُحَاوِل جَاهِدِين التخلَّل لأسوَار أنْفُسَهُم ومُعَالَجَة ضَعْفها بِمَا أوتِيْنَا مِن قُوَّة)
أبْلُغُ مِنَ العُمْر سَبْعَةَ عَشَرَ رَبِيْعَاً مُزْدَهِرَاً بِرِفْقَةِ وَالِدِي , وخَرِيْفَيْنِ بِبُعْدِه , أمِّي امْرأةٌ فِي الوَاحِد والخَمْسِينَ مِن عُمْرِهَا , أنْهَكَهَا الزَمَن , وَرَسَمَ تَجَاعِيدَ الشَيْخُوخَة عَلَىَ قَسَمَاتهَا الهَادِئَة , مُقَارَنَةً بِأبِي , الذِي يُحَاوِلُ غَالِبَاً أن يَكُونَ أصْغَرَ سِنَّاً دَائِمَاً , لِيَكْسبَ قُلُوبَ النِسَاء , فِيمَا كُنَّ يَكْسَبنَ نُقُودُه , أنَا غَالِبَاً مَا أفكِّرُ فِي رَغْبَات أبِي , الأجْسَادِ الطَرِيَّة , وكُؤوس الخَمْر .. رَغَبَاتُهُ , أتَشْبِهُ رَغَبَات كُلِّ الرِجَال !؟
أبِي يبدُو الآن أكثَر شبَابَاً , وأصغَر سِنَّا مِن أمِّي التِي تصغُرهُ بسبعِ سنِين ,!
بيتنَا يتَكَوَّن مِن طَابِقِين , علوِيّ لأمِي وسُفلِي لأبِي , لَدَيْنَا فِي بيتِنَا مِن كُلِّ شيءٍ اثنِين , مَطْبِخِين , مَجْلِسِين , غُرفتِين نُوم , وقلبِين مُنكَسِرِين , قَلْبِي وقَلْبُ أمِّي .
أخَوَاتِي كُلُهُنَّ تَزَوَجْن , قَبْلَ أن يتَحوَّل أبِي إِلَىَ هَذَا الرَجُل الغَرِيب فِي الطَابِق السُفْلِي .. وبَقِيْتُ أنَا لأَشْهَدَ لَحَظَات تحوّل أبِي , وانقِسَام بَيْتِي , وشَيْخُوخَة أمِّي المُبَكِّرَة .. وَ ..!
لَم يَكُن بِاستِطَاعَةِ عَقْلِي أن يتقَبَّل فِكْرَة تغَيُّرِ وَالِدِي , فتقبّلِي لِرُؤيَة الرَجُل الذِي كَان يُقبِّلُنِي بِحنَانٍ ودِفء , وهُوَ يصطَحِبُ كُلَّ فَجْرٍ نِسَاءً شِبْه عَارِيَات , فِي عُمْرِي أنَا , إلى مَنْزِلِهِ في الطَابِقِ السُفلِي كانَ أمْرَاً صَعْبَاً .
الفضُول دَعَانِي لأَن أرْفَعُ السمَاعَة وأتنَصَّتُ عَلَىَ مُحَادَثَاتِهِ الغَرَامِيَّة , وكَلامِهِ المَعْسُول , وشَهَوَاتِهِ المَحْمُومة , وأُرَاقِبُ كُلَّ تَحرُّكَاته وتصَرّفَاته الشَيْطَانِيَّة , حتَّى سَمِعْتُ عمِّي يُحدِّثُهُ ذَاتَ مَسَاء ويُحذّرُهُ مِن شرِّ تصُرّفَاته , ويطلبُ مِنْهُ العَوْدَة لسَابِقِ عَهْدَه ,!
إلاَّ أنّهُ لَم يَكْتَرِث لِكَلامِ أحَد , بَل كَانَ يتَمَادَىَ فِي خَطَئه , الذِي أثَارَ دَهْشَتِي فِي بِدَايَةِ تَغيّره , أنَّهُ صَارَ يُغْدِقُنِي بِالمَال والهَدَايَا البَاهِضَةِ الثَمَن ..
حِيْنَ أرَىَ المَال الذِي يُعْطِينِي , فإنِّي , أسْعَدُ بِهِ حدَّ تنَاسِيَّ لِفَتَيَاتِهِ , وانكِسَارِ أمِّي , وأفضِّلُ أن أقْضِي كُلَّ سَاعَاتِي بعِيْدَاً عَنَ المَنْزِل !
صِرْتُ أتَهَرَّبُ مِنَ المُكُوثِ فِيه , إلاّ حِينَ حَاجَتِي للمَال , وحِينَ النوم , وفِيْمَا لَم يُبْدِ وَالِدِي استِيَائَاً , بقِيَت أمِّي تُلّحُ علَيَّ أن أهتَمَّ لِدِرَاسَتِي , وعلاقَاتِي بخالاتِي ومن حَولِي ..
ذَاتَ مَسَاء , سَمِعْتُ وَالِدِي يَتَحَدَّثُ مَعَ إحْدَىَ حَبِيبَاتِهِ ,أغْلَقْتُ سَمّاعَةَ الهَاتِفِ بِهُدُوء , ونَهَضْتُ مِن سَرِيرِي , واتّجَهْتُ نَحْوَ بَيْتِه , طَرَقْتُ بَابهُ فوَجَدتُهُ مَفْتُوحَاً دَخَلْتُ وإذَا بِهِ يَتجَرَّعُ كَأسَاً مِن خَمْر , ويبدُو لِي بِأنَّهُ لَم يكُن فِي كَامِلِ وَعْيِه , طَلَبْتُ مِنْهُ مَبْلَغَاً مِنَ المَال , وإذَا بِهِ يَنْقَضُّ عَليَّ , و .. يَحْتَضِنُنِي بِرَغْبَةٍ وشَهْوَة .. و ..!
حَاوَلْتُ الفِرَارَ مِنْه , إلاَّ أنّهُ كَانَ ضَخْمَ البُنيَة , كُلَّمَا ابْتَعَدتُ عَنْه قَرَّبَنِي إلَيْه , إلاَ أَن تمكَّنْتُ مِنَ الهُرُوبُ مِن بَيْنِ يَدَيْه نَحْوَ غُرْفَتِي .
لَم أتَمكَّن مِنَ البُكَاء أو الصُرَاخ أو الإتِصَالَ بِأحدٍ لإخبَارِه , لِأنِّي خشَيْتُ عَلَيْهِ مِن وَالِدَتِي , ومِن هَدْمِ ما تبَقّىَ لَهُ مِن مَكَان فِي قُلُوبِ أهْلِه ..
ولَكِنّي بَقِيْتُ أتذَكَرُّ لَحَظَاتَ طُفُولَتِي , وهُوَ يَحمِلُنِي , ويُغنّي لِي , ونَرْقُصُ سوِيّةً ,
تذكّرتُ لحظَات مُراهقَتِي , يَوم كَانَ يُذكّرُنِي بإخطَائِي , ويُمسِكُ بِيَدِي , وأعُودُ لأتذكّرَ ما فَعَلهُ الآن ..
أنَا الّتِي جَنَيْتُ عَلَىَ نَفْسِي , ويَجِب أن أتحمَّلَ خَطَئي بِنَفْسِي , وأنَا أيْقِن لَو أخبَرْتُ أحَدَاً مِن إخوَتِي لَانهَالُوا علَيْهِ ضَرْبَاً حدَّ المَوت.
لَم أتمكَّن مِنَ النَوم , فارتَدَيْتُ مَلابِسِي , ونَزَلْتُ لِأخْرُج , كَانَت السَاعَة تُشِيرُ للخَامِسَة , فُوجِئتُ بِهِ ينتَظِرُنِي , وكَأنَّهُ صَحَى وتذّكَر شيئَاً مِن فِعْلِه , لَم أكتَرِث , فَدَعانِي للخُرُوجِ مَعَه ..
بَقِيتُ صَامِتَةً طوَالَ المَسِير وبقَىَ كذلِك .. وعُدْنَا للمَنْزِل , انتَظَرْتُ أن يَدخُلَ لِمَنْزِلِه , وَعُدتُ للخروج.. لأنِّي لَم أستَطِع البَقَاء فيهِ أكْثَر , اتّصَلتُ بِأحدِ الشبَاب الذِينَ أعدتُ مُحَادثَتهُم .. , وأخْبَرْتُهُ بِأنِّي أنْتَظِرُهُ في المكَان الفُلانِي , وحِيْنَ أتَىَ , وجَلَسَ مَعِي , فكَّرت فِي ما إن كَانَ كَوَالِدِي , يَحْمِلُ تِلْكِ الرغَبَات , وبَقِيْتُ أتَأمّلُهُ وأفكّر , إلَىَ أن سألتُه , فِيمَا إذَا كَان رَاغِبَاً فِيَّ كَأنثَىَ ,!!!!
وكَانَ سُؤَالِي , أشْبَهَ بِأدَاة قَلَبَت فيهِ موازينه , فمَارسنَا الحرَامَ معَاً , وكَانَت أوّلَىَ مُمَارَسَاتِي , بَعْدَ شَهْرٍ مِن تِلكَ الحَادِثَة صِرتُ أجِيْدُ قُبْحَ التعرِّي , وسوَادَ التمَايُلِ , وامتَهَنتُ لُغَةَ الجسَد .
بَعْدَ أرْبَعَةُ أشهُرٍ فَقَط , صِرْتُ مَطْلُوبَةً من فِئَةِ الشبَاب , وأصْبَحتُ سِلْعَةً يَطْلُبُهَا أبْنَاءُ الأغنِيَاءِ والفُقرَاء معَاً .. ولَن أنسَىَ أنَّ شَرْطِي الوَحِيد , أن لا يُمَارِسَ الفَاحِشَة مَعِي إلاّ شَابَا لا يتجَاوزُ عُمْرُهُ الأربعِين ..
أبِي , شُكْرَاً لِأنّكَ حوّلْتَنِي عَاهِرَة تتقلّبُ بينَ أحضان الفِتْيَان وتُتقِنُ ذلِكَ بِبَرَاعَة , شُكرَاً لِلأمْوَالِ التِي حَاوَلْتَ أن تَشْغَلنِي بِهَا عَن مُرَاقَبَتِك , وشُكرَاً لِأنّكَ جَعَلْتَنِي أنظُرُ لِوَالِدَتِي علَىَ أنَّهَا مُتذمّرَة , وشُكرَاً , لِأنّكَ جَعَلْتِنِي أهجُرُ دارَاً أنِسْتُ فِيهَا ..
شُكْرَاً لأنّكَ جعَلْتَنِي أُشْفِقُ عَلَىَ حَالِي ..!
بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحِيم
يا ايها الذين امنوا انما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون
صَدَقَ اللهُ العليّ العظيم
بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحِيم
ولا تَقْرَبُوا الزنَىَ انّهُ كَان فَاحشَةً وسَاءَ سبِيلا
صَدَقَ اللهُ العليّ العظيم