لَو كَانَ العَالَمُ فِي كفَّة وأمِّي في كفَّة لاختَرْتُ أمِّي *
- هذِهِ الصُورَة هي الأقرَب لقلْبِ أمِّي , هي صُورتها الشخصية في الـ Messenger أيْضاً . لِذَلِك , اختَرْتُهَا . (1)
حِينَ تُظْلِمُ الأرْضُ الأولَىَ , والسَمَاءُ الأولَىَ , وتَخْتَنِقُ الأنْفَاسُ وتَتحَشْرَجُ الأفْوَاه
وَتَعْلُو أحْزَانَنَا إلىَ السَمَاءِ الثَامِنَة , وتَنْحَدِرُ آمَالُنَا حتَّىَ الأرْضِ السَابِعَة ,
لِندفُنها بكفَيَّنَا المُخضَّبَيْنِ بِدَمِ الخَيْبَات , يَبْزُغُ نُورُ الكَلِمَة مِن فَاهٍ يتَفَرَّدُ بِنَغْمَةٍ حَانِيَة ,
لا تُشْبِهُهُا نَغْمَةُ الأبِ ولا الأُخْتِ ولا الصَّدِيقِ ولا الزَوْجِ , لِتبُثّ الرُوح فِيَ ما دفَنَّاهُ ,
فتَرْتَقِي آمَالُنَا , وتُمَارِسُ لَذَّةَ نَفْضِ الثَرَىَ , حتَّى تَعْلُو أرْضَاً فَوْقَ أرْض ..
وكَذَلِكَ الحُزْنُ الّذِي اكْفَهَرَّت لهُ دُنْياَنا وعوَالِمُنَا الصَّغِيرَة نِسْبِيَّاً ,
يَبْدَأُ بالتكثُّفِ لِيَسْقُطَ وابِلاً عَلَىَ بَيَاضِ وجُوهِنَا !
يَعْقَبَهُ احْتِضَانٌ مِن نَوع خاصٍ لا تُجِيدُهُ إلاّ ذِرَاعَيِ الأمّ وصَدْرُ الأُم !
(2)
حِينَ تَمْلأُ العَقَبَات مَمَرَّات حَيَاتِنَا , وتَبْقَىَ التعَرُّجَاتُ حائِلاً بَيْنَنَا وبَيْنَ الضَفَّةِ الأُخْرَىَ ,
يَبْزُغُ نُور الأمِّ كَطَيْفٍ يُلْهِمُنَا بِأنَّ الطَرِيقَ لا يُنَاسِبُ أرْجُلَنَا النَّاعِمة ,
ويُرْشِدُنَا نَحْوَ الطريقِ الأسْهَلِ والأسْرَع!
(3)
حِينَمَا يكُونُ هُنالِكَ طريقٌ واحِد فَقَط يُرْشِدُ للجنَّة ,
تُدْفَعُ الأمّ بابْنِهَا إلَيْهِ ولو كانَ الطريقُ من جَمْر!
فَقَط لِأنَّ الأمَّ عَقْلٌ وعاطِفَة / هَكَذَا أجِدُ والِدَتِي !
(3)
نَكْبُرُ , وتَكْبُرُ الآمَالُ وتطُولُ الدُّرُوب , ويبْقَىَ النُّور الَّذِي لا يَعْرِفُ الغِيَاب ,
ولا يُجِيدُ التَهْمِيش , ولا يُثيرُ الحُزن !
النُّور الّذِي وإن ظنَّنَا أنَّهُ بِمَقْدِرَتِنَا أن نترُكَهُ جانِبَاً ونَمْضِي بِدُونِه ,
إلاّ أنَنَا فِي محطَّةٍ ما نعُود ,
لأنَّنَا مَهْمَا كَبُرْنَا نَبْقَىَ في حاجَةٍ دائِمَة لـِ النُورِ الّذِي يَأبَىَ أن يترُكَنَا جانِبَاً ويَمْضِي !!
(4)
أتحدَّثُ بِملائِكِيَّة عَن [الأُم] , فَقط لإنّ الرّحِيمَ بِي وَهَبَنِي أمَّاً ملائِكِيَّة .
(5)
حينَ أتحدَّثُ عَنِ الامْتِنَان تأتِي أمِّي على رأْسِ كُلّ الأشْيَاء , وتكُونُ فِي أعْلَىَ القَائِمَة !
أنا مُمتَنَّة لأمِّي امتْنَانا عَظِيمَاً , يَجْعَلُنِي أدفَعُ الـ رُوحَ لـِ أرَىَ ابْتِسَامَةَ رِضَاهَا !
(6)
لم تكُن أمِّي هِيَ الأمّ الوَحِيدَة الَّتِي أنجَبَت , ولم تكُن الأمّ الوحِيدَة الّتِي رَعَت ,
ولكنّها الأمّ الّتي تفرّدَت بخلقِ هذا الحُبّ الّذِي تجَذَّرَ فيَّ فشكّلَنِي مُنذُ الطُفُولَة,
ورَسَمَ هوِيَّتِي بِعُمق , مُمتَنَّة لإصْبَعِهَا , ولامتِدَادِ إصْبَعِهَا !
(7)
أنَا عِقْدُ والِدَتِي الّذِي صَاغَتْهُ زَمَناً , حرامٌ أن ألوِّثَ هذا العِقد بِفُتاتِ اللّذَات *
(8)
حِينَمَا كُنتُ أصْغَر سنَّاً , كُنْتُ أخبِّئُ وجْهِي تحتَ وِسَادَتِي وأبْكِي بِلا صَوت , لِئلاّ تَسْمَعَنِي أمّي ,
كُنْتُ أتخيَّلُ الحيَاة بِلا نُورِهَا ما عسَاهَا تكُونُ ؟! فَأبْكِي حتّى أنَام !
(9)
ما عسَاها أن تكُون !؟
فرْحَةٌ لا أمّ فيها ,
جنّةٌ خاليَةٌ مِن نَبْضِ أمّي ,
مِن قَلْبِ أمّي ,
من وَجْهِ أمّي !
ما عسَاهَا أن تكُون !
ربّ ,يا كُلّ المُنَىَ !
احْفَظَ الأمّ الحنُون !
(10)
وحتّى هذا اليَوم , ما زِلْتُ أبكِي مخافَةَ فَقْدِهَا .
(11)
أجْمَلُ ما قَالت لِي أمّي يوماً :
أنتِ تَكْبُرِينَ كثِيراً , وعَقْلُكِ عَقْلُ امرأةٍ فِي الخَمْسِين !
أقْرَبُ ما قالت لِي أمّي يوماً : أنتِ الأقْرَبُ لِقَلْبِي لأنّكِ الأولَىَ , ولأنّكِ مرآةُ الرُوح !
سألتُها ذَات مسَاء , مَن تُحبّينَ أكثَر والدتكِ أم أنا ؟!
أجابتني , بلا أدنَىَ شكّ أحبّ والدتِي أكثَر !!
تقبّلتُ الإجابَة بدهشَة / لم أكُن أتوقّعُ هذه الإجابَة ..!!
ولكنّي أدْرَكْتُ بأنَّي سَأحبّها أكثَر من ابنَتِي أيْضَاً .
(12)
كُلّ ما لديّ مِن فَضْلِ ربّي , ومن فضْلِ أمّي !
تبْقَىَ كفَّةُ أمِّي هِي الرَّاجِحَة دائِماً وأبدَاً !
21 / مارس / 2010
- هذا ما كَتَبْتُهُ لأمّي !