عرض مشاركة واحدة
  #1 (permalink)  
قديم 04-05-2010, 00:30
الصورة الرمزية كاتب عمومي
كاتب عمومي كاتب عمومي غير متصل
كلما فهمت تعبت !
 
بداياتي : Aug 2009
الـ وطن : الرياض
المشاركات: 197
تقييم المستوى: 0
كاتب عمومي is an unknown quantity at this point
افتراضي ايدولوجيا النخب الحاكمة

.
أهل السلطة والنفوذ في أي مكان بالعالم ، عادة . ما يسعون لتهميش الايدولوجيا وتسخيفها . وأحيانا يعملون على مواجهتها بطرق وأدوات صارمة جدا . حيث يعقب اتخاذ السياسات ذات الطابع الساخر والاقصائي ضد أصحاب التنظير ، أو ضد الذين يجابهون التشريع الموجود ، أو ضد الذين ينظرون للأمور وفق ما يفترض أن تكون وليست كما هي عليه في الواقع . تنتقل النخبة المسيطرة بعد ذلك لاستخدام سياسات القمع والمواجهة والتحدي، والتي تتخذ أشكال وطرق مليئة بالحيلة والمكر والشراسة !
لقد استطاعت النخبة المسيطرة ، ومن خلال أدواتها الفاعلة مثل الإعلام وقوة رأس المال . من فرض الواقع البائس الذي تعيشه الكثير من الشعوب ، وخاصة دول العالم الثالث . على أن هذا الواقع مسلمة لا مفر منه، ولا حل لتغييره أو إعادة تكوينه . وبالتالي على المبادئ والقيم والايدولوجيا والأديان أن تتنازل عن نظرتها المثالية . وأن تحتكم للواقع الذي تدعي النخبة المسيطرة أنها تعاني وتتكبد الصعاب في تسييره . بينما في حقيقة الأمر هي المسئول الأول ، ليس فقط عن إيجاده ، بل وفرضه على الناس أيضا ً!


إن هذه النخبة المسيطرة ، والتي نراها اليوم في انسجام تام بين غالب قيادات المجتمعات في العالم . تخلق ايدولوجيا جديدة ، في ظل محاربتها لجميع الايدولوجيات المعارضة . فهي تصنع المجتمع القابع وراء الاهتمامات المادية السطحية . المجتمع المغيب . الذي يظن أنه حر لمجرد أنه يستطيع أن يختار بين تشكيلة كبيرة من البضائع والحاجيات والمطاعم ووسائل الترفيه . الذي يشعر أحد أفراده بالنبوغ ، حين يحصل على شهادة علمية عليا ، بينما هو عبد منصاع لاختيارات النخبة . لا يعرف من العلم إلا ما تريد النخبة منه أن يشغل وقته فيه . فيما يعرف بالبحث العلمي الأكاديمي !
من الملاحظ اليوم ظهور المثقف المشوش . الذي يحمل عبارات كبيرة . ويطنطن بفلسفات متوغلة في القدم . بيد أنه لا يتمكن من مشاكسة الواقع . لأنه وفقا للنظرة الجديدة . سيظهر بالمتخلف الرجعي . صاحب النظرة الأحادية . وعليه أن يشحن بمئات الأفكار والرؤى والمفاهيم . ليصبح ماكينة كلام . لا يستطيع أن يحدد المشكلة . ويتحرج من الخروج عن الرتم الثقافي السائد . هذا الرتم الذي صنعته السلطة . وألبست فيه المثقفين قبعة النجومية . وشوهت كل مفكر يمكن أن يخرق جدار العزل المادي . ووصمت كل من يدعوا للفضيلة وللقيم وللمثل العليا . بأنه غير عقلاني ومتطرف ومنغلق ومتناقض !


النخبة المسيطرة التي تشكل عصابة متعاضدة من غرب العالم إلى شرقه . متمثلة في نخب حاكمة لكل بلد . تربطها ببعض . أواصر الرغبة في التحكم في الممتلكات والشعوب ، لم يقتصر تحكمها في ماديات هذا العصر وممتلكاته فقط . بل تعدت ذلك . إلى ما هو أخطر وأكثرعمقا ً، وأشد تأثيرا واضطهادا . ذلك أنها تحكمت في الحاجات الفكرية للإنسان. فكر الإنسان المعاصر ووعيه . الفكر الذي هو المعقل الأهم ضد الطغيان وضد الاستعباد والسيطرة . وبالتالي تلاعبت بالعقل الإنساني ، وحددت له ما يفترض ألا يتخطاه في منظومة الفكر الإنساني الراهن ، وأحاطته بالعديد من المسلمات التكنولوجية التي بات مقتنعا تماما بشواهدها المتمثلة أمامه في كل شيء ! فأصبح فردا ضمن سرب المستعبدين ، الذين ينادون بأوهام النخبة المسيطرة ومدنيتها، وتقنياتها ، وهراءها الذي زاد العالم ترديا وانهياراً . وكان الرابح الأكبر دائما . هي القلة التي تحكم في كل شعب ، وتتشارك في منظومة النخبة العالمية المسيطرة دون اختلاف أو تنازع على نصيب الأسد في الثروات المنهوبة !

.
____________________________________



عندما رأيت زهور " الدافاديل "
في منتصف يناير
ادركت انك ابتسمت
هذا الصباح !

(( يغيب عن ذاكرتي صاحبها ))
رد مع اقتباس