انتِظاراتٌ منهَا لَسْتُ أشْفَىَ , أفكّرُ في القادِم بهوسٍ دائم , لا يُفارقني الغدّ , ولستُ أنسَىَ يومي بالانتظار , الغدُ سنبلةٌ زرعتَها في الأمسِ أرويها اليوم وسَأجمَعُ حصادِي غداً .. الإنتِظار هُو الشعُور الّذِي يُخالِطُهُ العمل للشيء المُنتظَر ! ولا شيءَ أصْعَبَ من الإنتظار .. !
ما أجمَلَ اللَّيْلَ فِي هُدُوئِه , غفَى محمَّدٌ إلى جانبي أمامَ ناظِريّ , ما ألطَفَ السَاعَات الَّتِي أشعُرُ فيها بأنّ الكون الفسيح هادِئ , وعينُ الله لا تنام , ما أقربَ السماء للأرض في ظلامِ اللَّيْل ! .. وما أقرَبَ المحبوب لحبيبه في بياضِ المُناجاة ! ..
غُرفتي في حالِ فوضَىَ , مشاعري في حالِ فوضَىَ , وحياتي مُرتبّة تماماً بالرغم من كُلّ الفوضَىَ ! , أشعُرُ بالقوّة لأنّي استطَعْتُ أن أسمعَ الكلمة الّتي لطالما تمنّيتُ سماعها من فاهِ والدِي .. !
أشعُرُ بالسعادَة لأنّهم جميعاً الآن يوافقوني الرأي , لأنّي تمكّنْتُ بقوّة وعزم أن أغيّر كُلّ شيء , لأنّهم إلى جانبي , جميعهم يساندُوني , لستُ وحدي الآن .. ما ألذّ شعُور الفرد بقُوَّتِه .. ! كيفَ أمكنَ كُلّ شيء أن يسير هكذا , كيف التقيت بكُلّ الأشخاص هؤلاء , وكيف سعيتُ بكُلّي , من ألهمنِي القُوّة سوى الله , من مدّنِي بكُلّ هذا الإيمان سواه ..
حينمَا كنتُ في المكتَبَة وتلك الرُفُوف الشاهقات أمَامِي كُنتُ أمعِنُ في النظَر , وأشعُرُ برغبة في احتضانِ المكان بكُلّه , لم أرى في حياتي مكتبَة بهذِهِ الضخامة , والأريحيَّة .. وتجذب القلب للدراسة والمُطالعة فيها , شعرْتُ بأنّها مكتبة سريّة هادئَة حيثُ لا أحد فيها سوانا , مُصمّمة بعقلٍ متذوق للفنّ , مُرتّبة بأيدٍ بيضاء , كان والدِي مشدُوهاً أيضَاً مثلِي ..
قال لي أحدهُم , إذا ما اقتضى الأمر الإلهي شيئاً فإنّه سيكُون , وقال لي أبي على الإنسان أن يسعَىَ إلى غاياته , وقالت لي أمّي , الله وحده هُوَ الّذي يعلمُ مكان المصلحة لكُلّ فردٍ منّا .. وقلت لأمّي علينا أن نحمد الله على كُلّ حال , فلرُبما أحزننا أمرٌ وفيهِ مصلحتنا , وأفرحنا شيء وفيه مضرّةٌ لنا ..
أنا أكتُبُ احساسي الآن لغايةٍ في نفسي , ولا أظنني بحاجة لأن أكتبها لأنّها ستخلّد في نفسي , ولكني اكتب احساسي فلرُبما أنسَاه فغالباً ما تنسى الأحاسيس وتبغى الغايات ..