برغم حديثه الغارق في الحزن إلاّ أن دواخله ماتزال تزخ كميات هائلة من الأمل .
كان يتحدث عنها بشوق عارم ممزوج بشيء من وخز الضمير , وجلد الذات !
قال : يجب أن أعترف أنه كان قراراً أهوج ذاك الذي أضاع مني أجمل وأسعد اللحظات .
ثم راح يتساءل هل هذه طبيعة الحياة ؟ أم طبيعة الأشياء ؟ أم طبيعة النفس البشرية ؟
لم أجب ! فراح ينفث دخانه في الفضاء وواصل حديثه الحزين .
آه ! لو تعرف كيف دخلت هذه الأنثى حياتى , وكيف غادرتها ! دخلت كأجمل حدث يصير في تاريخ كل إنسان , وكأروع قدر يجيء بعد يأسٍ طويل , وكأعنف ارتطام يفرز تساؤلات من نوع مختلف , ويحمل في ذات الوقت نوعاً من الدهشة السعيدة .
عشت معها لحظات ذهبية لا تُنسى , أدخلتني عوالمها السحرية , وفتحت لي كل النوافذ المؤدية إلى السعادة .
كانت تقول لي : " أريد أن أعيش هذه التجربة بكل مافيها من زخم وعنفوان , أريد أن تتشرب روحى كل القطرات السعيدة التي أشعر بها معك . ربما لا تعرف أن قلبي الذي يضخ كل يوم دماءً نقية وأنت معي يقف على الشرفة الأخيرة التي أطل منها على هذا العالم ! لا أدرى ولكن يراودنى احساس أسود بأن قلبى بعدك سيشيخ الحقيقة أنه سيتعطل ولذا أحاول أن امتص كل لحظة معك وأخزنها في خلايا الروح والذاكرة . "
بدأت الدموع تبرق في عينيه , وأخذ حديثه يتقطع على نحو مفاجئ فباغته بهذا السؤال :
لماذا كنت طوال تلك الفترة تدس مشاعرك في المنطقة الرمادية ؟
أخفض رأسه وأجهش بالبكاء !