ميلاَد الحُرية 15 آذار / 2011 ..
كانَ هوَ يَتردد عَلى المَقهى الكَئيب يَومياً ..
لَعلهُ يَراهَا ( صُدفَة مُتعَمَده ) ..
ذَاتَ ليلَة صَيفيَة ..
وَجدهَا تَجلس بـِ آخر المَقهىَ ..
مُرتديَة ملابِس رمَاديَة اللَونْ !
بِجَانبهَا حَقيبَة , أمَامهَا فنجَان قَهوة وَورَقةْ !
تَقدم بِخَطوة سَريعَه جلسَ أمَامهَا ( دُون إستئذَان )
قَالَ لهَا : تأخرتِ ؟! أينَ أنتِ ؟! أينَ كُنتِ ؟!
أعطتهُ الوَرقةْ قَالتَ لهُ : إقرَأ !
اللامُبالاة الكَبيرة هي التِى تبقىَ مِن نصيبى دائماً ..
لأتَذكر مِن دون عائِقْ.
فقَال لهَا : هَل سَتُحاولينَ نسيَانِيْ ؟!
قَالت لهُ : بِلادنَا تُغتَصبْ ! فمَا عُدتُ أُبَالِيْ !
قَامتْ بالرَحيلْ ...
حَاول أن يمَنعهَا ..
قبّلَ يَدهَا الصَغيرةْ ..
قَالَ لهَا : لستُ أُبَالي مَادُمتِ بِقُربِيْ !
قَالت لهُ : أرَاكَ حينَ نَتَحررْ !
وَرَحلتْ ......
كَانت هيَ صَديقةُ سَاعِي البَريد ..
ذَلكَ الرَجُل العُجوز الذِي يَنقُل لهَا رَسائلهَا دُونَ تَذمُرْ !
الذِي ذَهب وَلم يَعُد منذُ بِدايَة الثَورةْ !
كَان يَعشقهَا رَسام ..
وَهيَ تَعشقُ الإنتِظَار فِي طرقَات العَابرينْ ..
تَتقرب مِن أهل القُبُورْ وَالمسَاكين وَالغُربَاءْ !
فَ أصبَحت مُغَتربَة ذَات الدَمع الأسَودْ !
هُوَ يُحبهَا كَ طِفل لايستَطيع التَخلي عَن دُميَته ..
لاَيَتَشابَهَان سِوى أنَ قَهوته وَسط كَ قَهوتهَا !
هُوَ يُشبِه نِظَام الحُكم فِي بِلادهَا !
/
3 كَانون الأوَل !
فِي نَفس المَقهىَ ..
لكِن ذَاتَ ليلَة شتَائيَة ..
عَادَت لِ تَجدهُ يَجلس وَحيداً عَلى أوَل طَاوِلَة ..
أمامهُ كأس مَاء وعُلبَة سَجائر فَارغة !
هيَ تَحملُ بيَدهَا نَفس الحَقيبَةْ ..
إقتَربَت .. صَدحت ضحكتهَا المُتسلطَة أرجَاء المكَانْ !
قَالت لهُ : لاَزلتَ عَاشق بِقلبٍ أعَرجْ !
قَالَ لهَا : لَم نَتحرر بَعدْ .. لِمَا أتيتِ ؟!
قَالتْ : تَحررتُ أنَا .. أمَا أنتَ مَاذَا عنكَ أنتْ ؟!
قَالْ : أنتِ وَطنِيْ !
قَالت : لَو كنتُ كَذلِكَ لـِ هممت فِي تَحريريْ ؟!
: آمم بالمنَاسبَةْ .. هذهِ الحَقيبَة لكَ سيِّديْ !
بِداخَلها تَفاصيل قِصة كَانت عَلى وَشك الإكتِمَال ...
قَالَ وهوَ مستَاء جداً : مَاذا تَفعلين بِيْ ؟!
قَالت لهُ : بِربّكَ يَارَجُل مَاهو الحُبْ ؟!
قَالَ : أن أعشقكِ لآخر وَريدْ يَنبض بِي ... وَ ...
قَالت : لاتَكمِل .. الحُب فِي بِلادي أن تَعشقنِيْ ..
وَتأخُذ أسمكَ غَيري .. تماماً كَ ثَورة دِمشقْ !
إنتَظرتهُ أن يَتكَلم .. لَم يَقُل شئ ... !
لَم يَفعَل شئ ... !
رَحل كمَا فَعلت أنَا فِي آذَارْ ...
وَلَم يبقىَ شئ ... !
سِوى صَوت الطَائرَات وَالبنَادِقْ ..
وَرَائِحة المَطر وَدمَاءْ الأطفَال ..
وَإبتِسَامَات الشُهداءْ ..
لَم يبقىَ شئ ... !
سِوى أرصِفَة عَاريَة ..
وَذِكرى مُعلقَة ..
مَاذَا سَيحدثُ غداً ؟!
رَبِي هِبنَا الصَبر هُوَ وَأنَا وَالبِلاَدْ !
03:23 ص
3 كَانون الأول / 2012