|
|
بَعيـداً عـنْ التصَـنيـفْ .. المُ ـنـتَـدى العَ ــام .. |
| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
| ||||
و قبل الخوض في الحديث عن الدعوة إلى العامية ، و إلى الأُسس التي استند إليها أصحابها، نُريد أن نعـرف في البداية ماهي العاميّة .. فنقول إذًا : العاميّة : هي التي تستخدم في الشؤون العادية ، و التي يجري بها الحديث اليومي . و يتّخذ مصطلح العاميّة أسماء عدّة عند بعض اللغويين المحدثين كــ "اللغة العامية " و الشكل اللغوي الدارج و اللهجة الشائعة و اللغة المحكية و اللهجة العربية العامية و اللهجة الدارجه و اللغة الدارجة و لغة الشعب ... إلخ اللُّغةُ العربيةُ في صَفَحَاتْ : التعديل الأخير تم بواسطة جـروح نازفـة ; 20-10-2008 الساعة 00:11 |
| ||||
الدعوة إلى العاميّة :. ظهـرت الدعوة إلى العاميّة في السنة1880 على يد الألماني ولهلم سبيتا مدير دار الكتب المصرية يومذاك ، في كتاب له بعنوان " قواعد العربية العامية في مصر " لكن نشر دعوته باللغة الألمانية ، أبعـدها عن التأثير في المجال الفكري العربي في السنة 1881 ، اقترحت مجلة " الُمقتطف " كتابة العلوم باللغـة التي يتكلّمها الناس في حياتهم العامّة ، مُـدّعية أن الخلاف بين لغة النطق و لغة الكتابة عندنا ، هو علّة تأخرنا ، ثمّ دعت رجال الفكر إلى بحث اقتراحها و مناقشته ، فلبّى طلبها كثيرون . و في السنة 1893 ، ألقى وليم ولكوكس ، و هو مهندس رِيّ إنكليزي ، محاضرة في نادي الأزبكية في مصر بعنوان " لِمَ لَمْ توجد قوّة اختراع لدى المصريين الآن " ، عزا فيها ، سبب عدم وجود هذه القوّة ، إلى استخدام المصريين اللغة العربية الفصحى في الكتابة و القراءة ، فنصح بنبذ هذه اللغة لصعوبتها و جمودها ، و باستخدام اللغة العامية في الكتابة الأدبية ، و في السنة1901 وضع سلدن ولمور القاضي الإنكليزي في مصر ، كتابًا في الإنكليزية عن العامية المصريّة بعنوان " العربية المحكية في مصر " دعا فيه إلى الاقتصار على العامية أداة للكتابة و الحديث . في السنة 1902 كتب اسكندر المعلوف إلى مجلة الهلال ، يقول : إنه اشتغل بالعامية كثيرًا ، حتى انتهى إلى الإيمان بصحّتها ، و وجوب تدعيمها و إقرارها . و أمل أن يرى الصحف العربية و قد غيَّرت لغتها ، و بالأخصّ مجلة " الهلال " . في السنة 1913 ، كتب أحمد لطفي السيد في موضوع تمصير اللغة العربية ، سبع مقالات نشرها في صحيفة الجريدة ، ذهب فيها إلى أنّ الطريقة الوحيدة لإحياء اللغة العربية ، هي إحياء لغة الرأي العام من ناحية ، و إرضاء لغة القرآن من ناحية أخرى و ذلك باستعمال العامية في الكتابة . في السنة 1925 ، أصدر مارون غصن ، كتابًا سمّاه " درس و مطالعة " ، متنبِّئًا في أحد فصوله : " حياة اللغة و موتها – اللغة العامية " بموت العربية الفصحى ، قياسًا على ماعرفه من تاريخ اللغتين : اليونانية و اللاتينيّة ، و داعيًا إلى الكتابة بالعاميِّة السورية . في السنة 1955 أصدر أنيس فريحة كتابه " نحو عربية مُيسّرة " دعا فيه إلى " أن يصبح لنا لغة واحدة هي لغة الحياة " ، مُعتبرًا أن الفصحى " لغة أجيال مضى عهدها " ، و هي بالتّالي عاجزة عن أن تُعبّر عن الحياة . أما العامية فلغة حيّة متطوّرة نامية تتميّز بصفات تجعل منها أداة طيِّعة للفهم ، و للتعبير عن دواخل النفس . اللُّغةُ العربيةُ في صَفَحَاتْ : التعديل الأخير تم بواسطة جـروح نازفـة ; 20-10-2008 الساعة 00:12 |
| ||||
كانت تلك هي أبرز الدعوات إلى العاميّة . أمَّا الأُسس التي استند إليها أصحابها فتتخلّص بما يلي : 1- إنّ الفصحى " لغة أجيال مضى عهدها " تعجز عن أن تعبِّرعن الحياة ، و هي بالتالي ، صعبة التعلّم و التعليم لصعوبة نحوها ، و صرفها ، و مفرداتها . بخلاف العامية التي هي لغة سهلة ، تسيل على الألسن بلا عسر و لا تصنّع ، و ذلك لخلوِّها من الإعراب ، و من الألفاظ الحوشية و الوحشية المائتة ، و من المترادفات و الأضداد الكثيرة ، و لمرونتها في قبول الأوضاع الأجنبية بلفظها العجمي ، و لميلها أخيرًا إلى إطلاق القياس في الإشتقاق للنموّ و التوسّع . 2- إنه ثمَّة مسلمين كثيرين ، لا يتوسّلون العربية أداة للتعبير نطقًا أو كتابة ، و من ثمّ لا مسوِّغ لتعلّق المسلمين بها ، أما لغة القرآن فتبقى من اختصاص رجال الدين و الاختصاصييّن اللُغويين . 3- إن في اعتماد العامية اقتصادًا لوقت طويل و ثمين يهدر في تعلم الفصحى و أحكامها . 4- إن من أهم ّ أسباب التخلُّف عندنا ، اختلاف لغة الحديث عن لغة الكتابة . و عليه ، فاعتماد العامية كفيل بالقضاء على هذا التخلّف ، و على سلبيات ثنائيّة اللغة جميعها و هذه السلبيات . اللُّغةُ العربيةُ في صَفَحَاتْ : التعديل الأخير تم بواسطة جـروح نازفـة ; 20-10-2008 الساعة 00:12 |
| ||||
إن الحديث في مثل هذه المواضيع يطول و يطول ،، فلقد أشارت كثير من المصادر والمراجع و الأقلام الغيورة على لغتها و أداة فخرها و عزها إلى أهم النقاط التي تستوجب منا الوقوف والنظر والتأمل في محاولة جادة إلى مناقشة تلك المزاعم الباطلة و التي تحاول النيل من لغتنا العربية الفصحى .. و سأتطرق هنا إلى مناقشة الدعوة إلى العاميّة .. مناقشة الدعوة إلى العامية من المعروف فطرة أن عدوك لايريد بك الخير، و إن بدر منه ما تظن أنه خير فلك أن تشك فيه أو أن تفسره بالحرص على مصلحته الخاصة ولاتثريب عليك، و مع اقتناعنا بما سبق فإننا سنناقش بعض هذه الآراء اتباعا للمنهج العلمي، و محاورة لمن اغتر بهذه الدعوة، و بهره.بريق التجديد من أبناء المسلمين فنقول : 1- العربية ليست غريبة على أفهام الناس كما يدعون والدليل على ذلك أن لغة الإنشاء العصرية شائعة في الصحف والمجلات ومع ذلك فلم يشتك أحد من عدم فهمه، بل ترى الأطفال الصغار يتابعون البرامج الكرتونية المدبلجة ويفهمونها ويتفاعلون معه، ولو فات العاميّ فهم بعض الألفاظ من الفصحى فإنه يفهم المعنى الإجمالي ولاشك. 2- أن التقعر في الكلام واستجلاب الغريب ليس عيباً في العربية بل هو عيب في المتحدث. 3- ليست اللغة العربية بدعا في اللغات بامتياز اللغة المكتوبة فيها عن اللغة المحكية، والزعم بانفرادها بذلك زعم باطل فالإنجليزيون والألمان والفرنسيون كذلك. 4- أن الدعوة إلى العامية دعوة تحمل بين طياتها معاول تفريق الأمة العربية والإسلامية، لأن هذا يؤدي إلى القومية والحزبية المقيتة. 5- ثم ماهي اللهجة العامية التي يمكن الاتفاق عليه، وهل سيتم الاتفاق على لهجة معينة ؟ وكيف يتم نشرها ؟؟؟ أسئلة كثيرة في هذا الجانب. 6- ما الحل في تراث المسلمين ؟ وكيف يقرأ المسلمين كتاب ربهم وسنة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم ؟ أيظل يقرأ في المساجد كما تقرأ اللاتينية في الكنائس الكاثوليكية، إن هذه الدعوة دعوة خطيرة ذلك أن الدعوات التي تستهدف هدم الدين والأخلاق قد تضل جيلا من الشباب ولكن الأمل في إنقاذ الجيل القادم يظل كبيرا ما دام القرآن حيا مقروءا وما دام الناس يتذوقون حلاوة أسلوبه وجمال عبارته، أما هذه الدعوة فهي ترمي إلى قتل القرآن نفسه-وهيهات-والحكم عليه بأن يصبح أثرا ميتا كأساطير الأولين، أو بأن يصبح أسلوبه عتيقًا باليًا بتحويل أذواق الأجيال الناشئة عنه، وتنشئتهم على تذوق ألوان أخرى من الأساليب المستجلبة من الغرب . 7- أن صعوبة اللغة ترجع في حقيقة الأمر إلى بعض المستشرقين الذين حاولوا تعلم اللغة العربية وهي شديدية البعد عن لغتهم الأروبية في بناء الكلمات، ونظام التأليف وعادات النطق. 8- أن كثيرا من الحجج التي ذكروها غير مفسرة ومعلوم في علم الجرح والتعديل أن الجرح لايقبل إلا إذا كان مفسر، فماذا يقصدون في قولهم : إن اللغة عاقة المصريين عن الاختراع ؟ وما علاقة اللغة بالاختراع ؟ ها هم العوام يتحدثون العامية التي رضعوها مع اللبن فأين التقدم الذي حققته لهم ؟ وأين الاختراع الذي أنجزوه إثر حديثهم بها ؟. 9- أن العامية لاتصلح للكتابة، ولو أردنا استخدامها لتدوين العلم والأدب فإننا نضطر إلى الاستعانة بالفصحى فنعود إلى الازدواجية التي فررنا منه، ومن الصعب جدا على الإنسان أن يكتب بلهجة عامية خالصة، فالعربية أصل والعامية خليط من اللغات واللهجات وغالبها منبثق من العربية الفصيحة فعند الازدواج والاختلاف يرجع إلى الأصل والمورد الأصفى وهي العربية. 10- ادعاء أن الاكتشافات كثيرة وليس في العربية كلمات للدلالة عليها ادعاء فارغ مع أنه يظهر بمظهر الضخامة، وباب الاصطلاح ليس مغلقا في العربية مفتوحا في غيره، فكل مستكشف كان غير معلوم ومستكشفه يصطلح له على لفظ يتخذ اسما له. إنه لعجيب حقا ! ففي الوقت الذي ينادي فيه أبناء المسلمين من العرب بالتخلي عن لغتهم التي تعد من أبرز اللغات الحية نجد اليهود يحيون العبرية وهي لغة قديمة ميتة، فهل يلتفت المسلمون إلى قيمة هذه اللغة التي تنساب على الألسنة انسياب الماء البارد في فم العطشان، وهل يحافظ الجيل على لغة جرت على لسان أفضل إنسان في زمن من خير الأزمان ؟ نعم هو كائن إن شاء الله. 11- ونقول للذين يدعون إلى تطوير اللغة تأسّياً بتطور اللغات الأوربية : إن هناك فرقا بين التطور والتطوير، فتطور اللغة هو أن تفرض عليها قوانين قاهرة هذا التطور، أما التطوير فهو سعي مفتعل إلى التطور، وإرادة إحداث له دون أن تكون هناك مبررات تستدعيه. وثبات العربية مزية لها وتطور اللغات الأخرى نكبة على أصحابه، فالإنجليزي اليوم من عامة الشعب لايستطيع أن يفهم لغة شكسبير الذي مات في القرن السابع عشر الميلادي . انظر : الإتجاهات الوطنية / للدكتور محمد محمد حسين 2/365 2/367. اللُّغةُ العربيةُ في صَفَحَاتْ : التعديل الأخير تم بواسطة جـروح نازفـة ; 20-10-2008 الساعة 00:13 |
| ||||
أضرار العاميّة : 1- تهدم بناية التصانيف العربية بأسرها و تُضيّع الكثير من أتعاب علمائنا المُتقدمين . 2- العرب سيضطرون إلى ترجمة القرآن الكريم إلى العامية ممايفقده الكثير من سحره و إعجازه و تأثيره في النفوس . 3- إن لهجات العامة لايمكن الاعتماد عليها لتباينها و اختلاف أوضاعها . 4- إن اعتماد كل قُطر عربي لهجته الخاصة به يُؤدي إلى إضعاف التواصل بين الدول العربية . فأحرى بالعربي أن يتعلّم بالدرجة الأولى لغة قرآنه و تراثه و أداة تفاهمه مع مواطني الدول العربية الأخرى اللُّغةُ العربيةُ في صَفَحَاتْ : التعديل الأخير تم بواسطة جـروح نازفـة ; 20-10-2008 الساعة 00:14 |
| ||||
اقتباس:
تـشـرّفـتُ كـثـيـرًا بمـروركـِ الـكـريم هـُـنـــا .. و كـمـا سأتـشـرف أكـثـر بـمـتابـعـتـكـِ الـرائـعـة .. سـلـمتِ ياشـوق .. اللُّغةُ العربيةُ في صَفَحَاتْ : التعديل الأخير تم بواسطة جـروح نازفـة ; 20-10-2008 الساعة 00:15 |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|