الإهْدَاء :
إلَىَ البَحْرِين / وطَنِي و وَطَنُ الغُرَبَاء .
(1)
الوَطَنُ الغَارِقُ فِي العُتْمَة ,
الوَطَنُ الحالِمُ حَدَّ التَيه ,
الوطَنُ الضَائِعُ بَيْنَ متَاهَاتِ الظُلاَّم .!
ولُعبَةُ السِياسَة ..
(2)
فِي أحْضَانِ الوطَنِ كَبُرْت ,
وما بَيْنَ الغَفْوَةِ والصَحوَةِ كُنت .!
وذَات مسَاءٍ أفَقْت .!
لأرَىَ الأشْيَاءَ غَيرَ الأشيَاء ,
والنوَارِس تَرْحَلُ ,
والتُرَابُ يتبدَّلُ لوْنُه .!
والبَحْرُ يغْرَقُ في الوَحْل .!
والموانِئُ تُغْلِقُ أبوَابهَا ,
والسمَاءُ لا تُمطِر ,
أخبَرُونِي بأنّ الوطَنَ بدّلَ ألوانَه .!
و نفَىَ أبنَائَهُ إلَىَ حَيْثُ اللامكَان..
وجَلَبَ آخَرِين .!
حتّى العصَافِيرُ ما عادَت تُغرِّدُ يا وطَنِي ..
(2)
كُلّ لِسَانٍ يَنْطِقُ حقّاً إمّاً أن يُقْطَع
أو أن يُقطَع
أو أن يُقطَع .!
(3)
أخبَرْتُهُم ذاتَ مسَاء ,
بأنّي رحَلْتُ للسمَاء .!
والتَقَيتُ بالشَهِيدِ خالِي ,
أخبَرْتُهُم , بأنّهُ أعطَانِي ورَقَاً و مِحبَرَة ,
وحِينَ سألتُهُ عَنِ السبَبِ
ابتَسَم .!
وحِينَ أفَقْتُ وجَدْتُنِي .!
أكتُبُ فِيهِ وفِي الوطَن ,
و وجَدْتُ أنّ الحُرِيّة ، حُريّة القَلَم .
(4)
أخبَرْتُهُم أيْضَاً ,
بأنّني كُلّمَا ذَكَرتُ الوطَن ,
رأيتُ (سعِيدَاً) أمَامِي ,
رأيتُهُ طِفلاً شاعِراً هادِئَاً .!
وكُلّمَا رأيتُهُ ابتَسَم .!
وكُلّمَا ابتَسَمَ غابَ
أكثَر فأكثَر .. !
حتّى يتلاشَىَ الحُلم
وأرَىَ المِحبَرَة ..
والورَق ..
والحَرْف ..
وأنا .!
(5)
سمِعْتُهَا تقُول :
استُنْزِفَت أحلامُنَا وماتَت .!
حتَّى الرَبِيعُ مات .!
أرهَقَنَا العنَاء والمَسِيّ
وما نِلنَا سَوَىَ المَمَات .!
لِمَ ؟
يا كُلّ الأشيَاء / لِمَ !؟
قَد كُنتَ فِي الماضِي لهُم أملاً .!
واليَوم ألم ..
(6)
يا وطنِي!
جعلُوكَ تسكُرُ حدّ البَطش ..!
تترنَّحُ!
تقتُلُ أبنَائكَ ,
تحرِقُ أشيَائك ,
تُشرْبهُم كأساً مِن زقّوم ,
تُكسِّرُ أضْلاعَ الأرض!
تُغِرِقُ بحرَكَ فِي أرضِك !
وتترنَّحُ !
تسِيرُ بِلا صحوَة !
وتفتَحُ الأبوَاب للأسْرَابِ القَادِمَة ,
تكتَظُّ الأماكِن ,
وتَزْدَحِمُ !
الأنفَاسُ كريهَة ,
بِرائِحَةِ المَوت!
الوجُوهُ مُشرئِبَّة!
و الحُزنُ سرْمَدِيّ
يا وطَنِي ..
سأضْرِبُكَ ضرْبَاً مُبرِحَاً .!
لِتُفِيق .!
فمَا عُدنَا للصبرِ نطِيق !
(7)
يا وَطَنِي !
أفَق ,
إنّا نبكِيك.!
نبكِيك.!
نبكِيك.!
(8)
" وطَنِي وإن جَارَت عليَّ عَزِيزَةٌ "*
(9)
إلَيْكَ أيّهَا الوطَن..!
يا كُلّ الأشيَاء ...!
إليكَ الحُبّ
إلَيْكَ الحَرْفُ
إلَيْكَ النبضُ
بِكَ أفخَر ..
بِكَ أتنفّس ..
بِكَ أكُون ..
وعَلَيْكَ أصْبِر !
(10)
لا تَلُمنِي يا وَطَن ,
فمَا أنَا إلاَ حبيبٌ أجنّهُ هواكَ!
أغَارَ علىَ أنفَاسِك ,
أخافَ على طاقاتِك.!
أخافَ أن تذُوبَ ,
أن تمُوتَ ,
أن تُشوّه !
أخافَ عليكَ من أصْحابِ الأحذِيَةِ اللاّمِعَة !
والبدلاتِ الرَاقِيَةِ جداً !
لا تلُمنِي إن عاتَبْتُكَ ,
"العِتَاب للأحباب" يا وطَن ..
(11)
«وتهتُ إليكِ بلادي
وتهتُ إليكِ
وذبتُ أغرد فيكِ بلادي
التي عانقت من دماها دماء الزهور
دم يرتدي ثوب ثأر قديم
سينبت خبزاً وينبت حقلا
من الورد للشعب للطفلة الوعدة» *
سعِيدُ,
أيّهَا الرَاحِلُ ,
أيُّها الراقِدُ تحتَ ثرَىَ الوطَن
فِي قَلْبِي أقْسِمُ ,
شُكراً لِـ كِتَابِكَ الّذِي أورثتني!
أحبّك . وأكثَرُ .