هذه الأيام لن تَمُر مرور الكِرام . هذه الأيام لن تكون كأيامي السابقه . سريعة ولا أشعر بساعاتها الطويلة لفرط تشابهها . هذه الأيام ستكون طويلةٌ جداً وبطيئةٌ جداً . ومليئة بالصَدمات المتعاقبه . وسجلاتها ستكون حافلة بسقوط الكثيرين من الناس من قاموس حياتي . فيارب أجعلها أيامً تَمرُ على قلبي يسيره .

يا إخوتي الذين غرتهم مُتع الدنيا . يا قبيلتي الغارقة بالتخلف القبلي . يا بقايا العار الذي تلحف مراقدكم . يا نساء المجالس وقاضمات اعراض البشر . يا الأيات التي رتلتها محاجركم الساخطةُ على اقدار الرب . يا قلوبكم الميتة الغارقة بالنفاق . يا ارواحكم الصاعدة الى عرش الشيطان كل مساء . يا ويلات النساء وحطب جهنم الذي يشتهي رائحة جلودكم . يا ايتها النداءات التي توسدت ارصفة الخيبةِ والقهر والخذلان . يا ايتها الدموع الغارقة بعينين ذبُلتا من فرط حزنهما . يا صرختي الاولى يا فرحتي ما قبل الأخيرة يا اغنياتي التي بكت حِداداً على روح الفرح فيها . يا أنتم جَميعكم . فليفتت العار بقاياكم الباقيه ولتذهبوا بعد حُزني الى الجحيم الى العذاب إلى ويلات القدر واللعنات التي ستعصفُ بكم بعد رحيلي وخذلاني .

تنقصك الكثير من الحكمه لتعرف الهدف الذي من اجلة تحملت عنك عبء اسباب الغياب .

بهذه اللحظه عقرتُ أصغر نبرة حزن بصوتي .وصحتُ بملء حنجرتي . انا سعيدة . سعيده جداً سعيدة بحريتي . سعيدة بسقوط اقرب الناس لي من قائمة الايام .سَعيدة بخذلاني الذي لبستهُ تاج انتصار في نهاية صفحة حياةٍ كانت دامية بالحزن .سَعيدة أني نجوتُ بي . سعيدة أني فزتُ بقلبي وان كان مُتعب كثيراً . سعيدة أني بقيتُ لوحدي ومعدومة الثقة بأي صديق أو قريب سيحاول ان يعقد صفقة ثقة معي . سعيدةٌ بإنكساري . سعيدةٌ بنفيي . سعيدةٌ بالأفواه التي تأكلني في غيابي . سعيدةٌ بنجاتي . سعيدةٌ بدموعي التي توقفت وبشفاهي التي اصبحت تمارس الضحك كثيراً هذه الايام . سعيدةٌ بموتي الأخير على باب الحياه (:

مَابكيتُ من فَرطِ حُزني .
بَكيتُ على أحبابي .
الذي أسقط الخذلان قاماتهم من قلبي !

سَعيدةٌ أنا بِحجمِ الخيبةِ التي التَحفتُها بَعد هجرك . جَمعتُ أُمنياتِ . وما بقيْ لَي من ألمْ مُتربصٌ بصدري . ووضعتهُ في حقيبةٍ كبيرة . فُستاني الأبيض الذي حِكتهُ بعشرِ أُمنياتْ . وبعمرِ من أحلامْ . سأسلمهُ لغيري لَرُبما امنياتي العشر التي خذلتني تكونُ من نصيبها . ولرُبما عُمر أحلامي يعيش ليكونَ نَصيبِها . دَرَجٌ عَاليْ وحَضورٌ اختلطت عَلى مسمعي أحاديثهم وابتساماتِهم . وأغنيةٌ تشدوا بأسميّ . وباقةٌ رُصعتْ بدعواتِ أمي . ويدا أختي الحنون التي تُمسكُ بيمينيّ . ودموع أختيْ الاخرى التي تلهج لي بالدعاء أن ياربّ وفقها . وأجعل السعادةَ دربها . وأنا أسيرُ والخوف يتلبسني . وانا أسيرُ ولا أرى أحد . لا أشعرُ بأحد . ولا أسمعُ احد . حَينها كُنتُ أراني وانا صغيرةٌ جداً . وانا مع بناتِ جيراننا في بيتنا القديم ونَلعبُ ونصرخُ بفرح معلقين على أعناقنا أحلام أن نكبر ونرتدي الأبيض . كنتُ وقتها انا العروس التي البسوها طرحة جدتها البيضاءْ . درت وقتها الحي بأكمله وانا امسك بيدي عُشباً قطفناه من رصيفِ الشارع . وهنّ خلفي يغنينّ ويزغردنّ . فرحتي وقتها كانت أكثرُ من فرحتيّ الآن . وأغمض عيني وافتحهما واردد أن يارب لا أريد لواقعي ان يكونُ مُراً لدرجةِ أنيّ أريد الفرار والهرب الآن . وأعود للقاعة المُزدحمةِ بهم وأراهم يلوحون لي من بعيد أن أبتسمي وأنا أرتدي قناع السعادةِ لـِتَكونُ الصور مغلفةً بالبهجةِ والحُب . غادرتُ حياتي التي أحب . لأرضي من أحب . وها أنا الآن أعودُ لأحمل فساتني الأبيض بشنطةٍ عملاقه الى أُخرى . لربما تكون أكثر سعادةٍ به . ويكون بها أكثر جمالاً . فحياتي معه انتهت وحياتهُ لم تنتهي .

مُترفةٌ أحزاننا يا والديّ . مٌترفةٌ جروحُنا . وأيادي من نحبهم أهدتنا الغياب بِسخاءْ , أنا وانت نتقاسم ذاتُ الوجع . شربنا من كأس الخذلانِ المُر . هَجرتكَ هي ونكلت بقلبك شَر تنكيل , وأنا هجرني وقرأ على جثتي عهود الهجر اللامُنتهي . والديّ كُم عمرُ جرحكِ كم خيبة نزفت . كَم دمعً ذرفت لنسيانهم وما كان الثمن !
انا لوحت لي الدُنيا بوداعٍ قريب . أخاف عليك من فجيعة الوداع . لذلك سأظمن لي كرسيّ في قطار الغياب قبل ذلك .... !

للموتِ يَدٌ تَلوحُ ليّ من بَعيد . هذا الحُزنُ مرسولُ الموت . هذا الحزن الملعون الذي يتجولُ متبختراً في أيامي . هذا الحزن الذي غزى ملامحي . نكل بأقداري . أفقدني أحبتي . جعلني حبيسة الماضي . حبسني بعيني دميتي التي كنتُ أحملها في صغري . أسكنني دروب الانتظارات الطويلة . هذا الحزن آخٍ منة . كيف لي بسبيل للخلاص منه . أريدُ ضحكة لا تنتهي . أريدُ قلباً لا ينبض الا ليسعد . أريدُ أصدقاءً يجيدون السخرية من الحياة ويكرهون الطبطبة على اكتاف المحزونين . أريدُ طيناً كثيفاً لأشكل به قلبً جديداً لي . قلباً لا أدمي ومكونٌ من مكوناتٍ أخرى . قلبٌ لا يتألم لا يشعر بالمصيبةِ قبل وقوعها قلبٌ لا يحسُ بالاصدقاء القريبين والبعيدين . قلبٌ لا ينبض . قلبٌ لا يحمل ذكريات الراحلين ويبروزها بعيون الوفاء لتعذيبي كلما سلوت . قلبٌ لا يعرفُ الحنين . قلب لا يحمل لي صورةً وانا صغيرة ليشقيني بها كلما عرفت ان العمر ماهو الا عداد شقاء تصاعدي . من يحمل أحلامي وكل عمري ويهبني ابتسامة من قلبه (: