25-11-2010, 10:59
|
بِقدرِ أُنمُلَة | | بداياتي
: Nov 2010
المشاركات: 14
تقييم المستوى: 0 | |
مائَة عام مِن الهُجرَة
مَن مِنكم خاضَ تجربَة السّفر تجزئةً ؟ كأنّ تُسافر أعضاؤُه كلُّ على حدا ، العَين لِمُقلتيّن أُخرَيَتيْن و الشّم لِأنفٍ غريب و اللّسان لشَفتين غائِرَتيَن و اليدَان لِوجهٍ لا نُدرك مِنه شيئاً و على هذا النّحو تَسبَحُ أعضاؤك في الكون سفراً ، لَم يُذكر بَعد في سجّلات الاكتشافات العلميّة أُعجوبَة كهذه و لكن على فرضيّة أننّا نعيش في زَمن الفرضيّات فَخذوا منّي :
سآتيك الليّلة فَاخبر بوّابَكُم أن يُبقي البوابَة مُورايّةً لِأمثالي المَدهوشين مِن صواعق المَوت أولئك الذين تَسخط عليهم السّماء رحمةً فَيَلحقوا بِركبٍ الصّم البّكم دون أيّ اعتراض و وَلدَنة ، سَأزورك زيارةً وديّة كصديق قَديم أو غزليّة كَحبيب ثرّي أو تحالفيّة كابن جيران شَقيّ على أيّة حال بالله عليكَ اغتسل مِن طينِ قبرك ثلاثاً و عليكَ بشعركَ حتى تَستردّ سَواده ، انتصب بسرعة و كرّر مَشي الأحياء إلى أنْ تَنبض قدماكَ حياةً حذارِ أنّ تَختزنَ حَدقَتي لَك صورةً بِظهرٍ مُحدَودِب ، ما أن تَسمع خُطايّ الخجلى آووه أنت لن تَسمع سَتستشعر على الأرجَح حتماً كَما أنبَأتَني ذات غَدر : " مابين القلب و الأذُن حبلٌ سرّي فَتمسّكي بِأذنّي قلبك " ، حين تستَشعر ضرباتَ نعليّ سمّي بالرحمن عَليَّ ثلاثاً من رهبَة الليلَة -هذه- و اغشيني بِسكينةٍ مِن أَضلُعك !
لن أُغوص بِقبرك اتوسّل إليكَ أن تُشاركني وجبة غدائي لأن الجّوع بات يَهرش مَعدتي و أنا أبصقه عناداً أو لِتزّم جديلتي وتُغمرها بِبَطن قميصي مخافةَ العَين و لأنها حقّ أَردتَك ميتاً ! ، لَن آتيك لأنّ الحنين ذبابَة لعينَة تَتقيّء على كُل ما اشتهيه أو يَجلب لي بين جُنباته مُضغَة نِسيان أو لأنّ صَاعقَة رحيلَك خائبَة جداً بحقّي أو لأوبّخكَ بِدلالِ ابنَة التّاسعة أنا فَقط بحاجَة لقاعدة فلسفيّة جديدَة لَطالما أردفتَ سنيني بِمئات الفلسفيّات المَحشوَة بِتجارب مانَصبها لي خَط سير قَدري ، أنا فقط سآتيك حاملةً بِين شفتّي مئات الاستفهامات العَقيمة و قُبلة شرعيّة مَطعمّة بِحرقاتِ الأُمومَة يا أنا يا نِصفي العقيم الميّت يااا ميّت ! سآتيك مُهرولةً أفيضُ حُرقة و اعقد أَسئلتي حول عُنقك لتخبرني عن حشرجَة المَوت و تفاقم الوَجع و انحسار النّفَس و الرهبَة آنذاك و تقّرح الحُلقوم و تحجّر الأصابع و تقارب السّيقان و ضِيق الكَفن و آلية النّوم عُنوّة دون أيّ استتابَة ! ، سَاستدين مِن رئَة أُمي شَهقَة صَبر لأُكمل مارثون أسئلتي عليكَ دون أدنى شفَقة ، لَم آتيك لأَقيس مقاسَ كفنك جئتُ نتسامر عن المّوت و أُدّس في عينيكَ عُمري و أحقُن أورِدتَك المُتحلِلَة وِحدَةً بِخَمري ، ليس عاراً أنّ أَموت مَعك ولكنّني هشّة لا اتحمّل أَن تُطفئ أَنفاسي و أنا التي ما ابتلَعت نِصف دينها و ما تأنّقت كأيّ أُنثى بِخاتمِ بُنصر يَنفخُ فيّ رَحمها نُطفاً ملائكيّة و أنا التي ما أَكمَلتْ ثلثّي عَقلها و ما اُتخِمَت بِسرائر الفَرح و طرزّت يُمناها بِحنّاء العرائس ، سآتيك ذات هُجرة يا وَجه المدينَة و نُدبَتي الغائرَة يا وَشمي الأبديّ و خزانتي العتيقَة سآتيك و إن لَم يَكُن ستُسافر لَك كَبِدي يا فَلذّتها .
|