|
|
بَعيـداً عـنْ التصَـنيـفْ .. المُ ـنـتَـدى العَ ــام .. |
| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
| |||
نماذج إنترنتية فاسدة ! لا أعتقد أنني سأضيف جديداً إذا قلت أن هذا العالم المتشابك الألوان والظِلال قد أُبتلي حقيقة بالكثير من النماذج السيئة , والغريبة , والتي تنطلق من منطلقات غاية في السوء والغرابة . تلك النماذج التي كثيراً ما نصطدم بها في واقع حياتنا اليومية , أما في العمل , أو في الشارع , أو في السوق , أو في أي مكانٍ آخر . تضيف عبئاً جديداً من أعباء الحياة الكثيرة . وتعيس الحظ هو من يرميه قدره في أحضان تلك النماذج , الأمر الذي يحتاج معه صاحبه إلى قدر كبير من المهارات للتخلص من تلك النماذج . قال أستاذ مرموق من أساتذة كامبردج " أن من ضمن هواياته اليومية أن يتجنب أعداداً من المتسولين المحترفين , ومن المدمنين , ومن المجانين الذين يجوبون الشوارع ! " حسناً ! لا أعتقد أننا نتجنى على الحقيقة إذا أضفنا إلى قائمة " الأستاذ المرموق " أعداداَ أخرى تجوب ممرات , ودهاليز عالم الإنترنت أو كما يعرف بالعالم الافتراضي , هذا العالم الذي أصبح شئنا أم أبينا حقيقة لا يمكن بأي حال من الأحوال إنكارها أو تجاهلها . هذا العالم الذي منح معشر العرب أجمل الهبات والهدايا ألا وهي " حرية التعبير " إذ أنه أصبح في زمن القمع السياسي , والاقتصادي , والاجتماعي الذي يُمارس ضد المواطن العربي هو المُتنفس , وهو المنبر حيث لا منابر ! هذه الثورة الإلكترونية الجديدة التي حملت للمواطن العربي حق ممارسة حرية التعبير بعيداً عن لغة خذوه فغلوه , وبعيداً عن مقص الرقيب الذي لا يصدأ ولا يبلي ! وبعيداً عن معزوفة الجهات المسؤولة , وغير المسؤولة ! , أقول برغم هذا كله إلاّ أن هذه " الثورة " أفرزت ضمن ما أفرزت من عجائب وغرائب بعض السلوكيات البشرية السيئة أو الفاسدة إذا أردنا الدقة . تلك السلوكيات , أو الممارسات التي تتوارى حقيقة وراء شخصيات مُحطّمة , ومحِطّمة للقيم العليا والنبيلة . هي ذاتها الشخصيات الفاسدة , والمريضة , التي نصطدم بها في عالمنا الحقيقي , إلاً أنني أعتقد أنها في عالم الإنترنت تصبح أكثر خطورة بسبب ارتدائها الكثير من الأقنعة المُضللة , وتسترها تحت الكثير من الثياب البرّاقة والزاهية ! وأنا هنا , ومن خلال هذه السطور المتواضعة سأحاول إزاحة الستار عن بعض تلك "الشرائح الادعائية !" من باب التفكير بصوتٍ عالٍ لا أقل من ذلك ولا أكثر . فأما الشريحة الأولى فهي التي أستطيع تسميتها بـ " الشريحة الجاهلية " وهي تلك الشريحة المتمثلة في أدعياء الثقافة , وحرّاس الفضيلة , ومروجي الشعارات البرّاقة الذين يملئون ممرات ودهاليز الإنترنت ! هذه الشريحة وإن كان لا يوجد لديّ إحصائية بذلك إلاّ أنني أكاد أجزم أنها تمثل الغالبية العظمي من بين تلك الأنماط الادعائية فهي تدّعي القيم والمبادئ والمثل العليا تحت ضوء الشمس, وتتخلّى عنها في جنح الظلام ! تلبس الفضيلة نهاراً , وترميها ليلاً ! تدعو للطهر والعفاف جهاراً وتنتهكهما سراً , وخلف الأبواب المغلقة ! ولنا مع هذه الشريحة وقفة لمحاولة تلمّس الأسباب والدوافع التي أوجدت لنا هؤلاء . حقيقة الأمر لن أغوص في نظريات " الشيخ فرويد " وأعزو الأسباب كما قال إلى الصراع الأزلي بين الأنا السفلى , وهي الجانب الحيواني في الإنسان , والذي يجرّه إلى مستنقعات الشهوة حيث الارتواء من الرغبات الآنية , والأنا العليا , وهي الجانب الروحي الذي يطلب من الإنسان اللحاق بصفات الملائكة الروحية الطاهرة , ولكن سأكتفي بما قاله " علماء النفس" في تحليل هذه الشخصية , عندما أشاروا إلى وجود أسباب نفسية تضرب بجذورها في أعماق هذه النوعية من الشخصيات , وأهم تلك الأسباب هو ضعف الشخصية , والشعور الدائم بالنقص , والتربية الخاطئة التي تساهم على نحو أو آخر في إخلال التوازن الطبيعي للشخصية , بالإضافة إلى الحاجة , والفقر , و الطمع , وغيرها من الأسباب التي تحتاج إلى بحث قائم بذاته . ولكنني أستطيع بكل يسر وسهولة تأصيل الموضوع من الناحية الدينية بالعودة إلى أنواع النفوس البشرية التي ذكرها القرآن الكريم , وهي النفس المطمئنة , والنفس الأمّارة بالسوء , والنفس اللوّامة , وربطها مباشرة بالأفعال والسلوكيات المُمارسة من قبل البشر . وإذا تقصينا في البحث عن الدوافع المباشرة وغير المباشرة لهذه الشريحة التي تمارس الازدواجية بشكل غير واضح بالنسبة لنا , نجد أن هناك خلل إيماني كبير في تركيبة هذه الشخصية , هذا الخلل أستطيع أن أقول بأنه عبارة عن أنموذج مصغر " للمجتمع الجاهلي ! " ذاك المجتمع الذي كان يمارس الفواحش بالسرّ , وكان أكثر ما يزعجه , ويؤرّقه , و ينفر منه هو المعاصي , والفواحش الظاهرة والعلنية , ولهذا جاء البيان القرآني الحاسم بتحريم كل الفواحش ما ظهر منها , وما بطن , ثم أردف هذا البيان النصوص النبوية الكريمة التي أكدّت على هذا المعنى , ويكفينا في هذا الجانب الاستشهاد بالعبارة النبوية الخالدة عندما قال عليه الصلاة والسلام : " الإثم ما حاك في نفسك , وكرّهت أن يطلع عليه الناس " . وبهذا نصل إلى نتيجة مفادها أن هذا النموذج المحمّل بالعاهات النفسية بالإضافة إلى الإرث الجاهلي يحتاج مع العيادات النفسية المتخصصة , إلى جرعات دينية مكثفة تساهم في القضاء على هذه الظاهرة المتفشية في العالمين الحقيقي , والافتراضي . يتبـــع . " أقبح الاعذار في التاريخ هي التي تُساق لتبرير موت الحُبّ " |
| |||
رد: نماذج إنترنتية فاسدة ! ــ 2 ــ وأما النموذج الثاني فهو لا يقل ضرراً عن النموذج الأول , إذ أنه يتقاطع معه في دافعية السلوك المريضة . هذا النموذج يتمثل حقيقة في " الشريحة الإقصائية !" تلك الشريحة التي تمارس كل أنواع "الإرهاب الأدبي" لمجرد الاختلاف معهم !مما لاشك فيه أن الاختلاف سنة كونية لقوله تعالى {ولايزالون مختلفين إلاّ من رحم ربك ولذلك خلقهم }, والتاريخ يعجّ بالأمثلة التي تؤكد على طبيعة الاختلاف الفطرية إلاّ أن المشكلة كل المشكلة في هذه الشريحة التي تُصرّبقصد أو بغير قصد على تجاهل تلك الحقيقة , وتعمل على إقصاء ونبذ الآخرين بكل الوسائل المشروعة , وغير المشروعة , وتحت ذرائع متعددة منها ما هو ديني , ومنها ماهو سياسي , ومنها ما هو اجتماعي , ومنها ما هو شخصي , حتى أصبحت مشاعر الكراهية هي القاعدة , ومشاعرالحب والود , والأخوة هي الاستثناء ! أن الحديث عن الحوار وأهميته , والتعريف بآدابه , واستعراض الكثير من الأمثلة الشرعية والتاريخية له , يجب أن يستمر وإن لا ينقطع , ولعلى أذهب ابعد من ذلك وأقول أنه أصبح واجباً شرعياً على كافة المؤسسات الإعلامية , والتعليمية , والمحاضن التربوية المختلفة . ولا أعتقد أنني أبالغ إذا قلت أن من أهم الأزمات التي يواجهها المسلمين والعرب في الفترة الحالية هي أزمة الحوار, إذ أن الأمة التي نهاها , وحذرها نبيها عليه الصلاة والسلام من العصبية بـقوله " دعوها فإنها منتنة " مازالت تعاني أشدالمعاناة من عقلية المذهبية , والحزبية , والعنصرية القبليّة , والفئوية , ومن ثقافة إن لم تكن معى فأنت ضدي , تلك الشريحة التي تؤمن باختصار بأنها الفئة التي لايأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها ! وإذا كنا قد أشرنا إلى تلك الفئة , فمن حقنا أن نتساءل عن بعض أسباب وجودها . تقول العبارة الشهيرة : " إن الشيطان يكمن في التفاصيل" , والتفاصيل هنا هي الأنا المتضخمة لدي الكثير من " صُنّاع العداء " تلك الأنا التي تطفح بالأنانية , والتعصب وشهوة الانتصار للنفس , بالإضافة إلى التحزبات الضيقة التي نعيشها , والفرق لقبليّة التي ننشئها , والحشود العنصرية التي نحشدها هي المسؤولة في نظري عن وجود هذا النموذج الإلكتروني الفاسد ! بالإضافة إلى العنصر الأهم وهو العامل التكوينى المتمثل في الأساسات الأولى للتنشئة الأسرية التي يتحدث عنها المتخصصين . قال لي أحد الأصدقاء : " لقد نشأت في بيتٍ لا يعرف من لغة الحوار إلاّ الرأي الأحادي الجانب , وتربيّت على كل معاني الخوف والاضطهاد , حيث قمعُ والدي لي , ولكل أفراد الأسرة وذهبت إلى المدرسة , ووجدت الحال أسوأ من المنزل , حيث القمع بكافة أشكاله بدءاً من الإيذاء الجسدي , وانتهاءً بالإيذاء النفسي ! وعندما كبرت كان لابد للمجتمع أن يأخذ نصيبه من الكعكة ! إذ أنني وجدت نفسي في العمل تحت حصار , ووطأة مديرى المتسلط الذي يستخدم سلطته بمناسبة , وغير مناسبة , فضلاً عن الأنظمة المتعسفة ! الأمر الذي ولدّ لدي مجموعة من التراكمات النفسية العويصة اتجاه زوجتى وأولادى , ومجتمعى, حيث أصبحت أمارس نفس الدور القمعى على زوجتى وأولادى سواء بالتعنيف البدنى أو التعنيف النفسى , أو التعنيف الثقافى حيث مصادرة كل رأي شخصى يخالف آرائى الشخصية حتى وإن كنت مقتنعاً به في قرارة نفسي ! " حسناً ! أن هذا المثال الذي يشير إلى الخلل النفسى , والثقافى في تكوين هذه الشريحة يضع أصبعه على الجرح عندما يلامس أعماق الكثير منا بطريقة أو أخرى ! إذ أن حلقات أو دوائر القمع التي تحدث عنها صديقى بكل شفافية , وتجلّى تكشف بما لا يدع مجالاً للشك أن هناك خللاً كبيراً في أساسات التلقى , وأدوات المعرفة لدا قاعدة عريضة من العرب . ومن المؤلم حقاً القول بأن هذا "الخلل التربوي" كان وما يزال واقعاً معاشاً في حياتنا حتى هذه اللحظة , وجزءاً حزيناً في مسلسل هزائمنا الكثيرة ! هذه العوامل مجتمعة كانت أم منفردة ساهمت بشكل أو بآخر في خنق أجواء الحوارالمنشود , والقائم على اعتبارات كثيرة أهمها التسامح , الذي يُعتبر حجر الزاوية في عميلة الحوار . ومن المؤسف حقاً أن الحوار الذي يقوم على أسس عظيمة أصبح بالنسبة لهذه الشريحة عميلة استبداد تحت أغطية كثيرة . بيد أن مصادرة الآراء , ومحاولة إسكات الآخرين بطريقة رفع الصوت غالباً , أقول برغم سوئها وفداحة خطبها , وجُرّمها إلاّ أنها تهون في نظري عندما يصل الأمر إلى حد التجريح الشخصي , والطعن في الملة والمعتقد ! وهذا ما يحدث للأسف في الكثير من المنتديات على يد " لوبي الصِدام , ودعاة الكراهية " الذين يقصون الآخرين باسم الدين , و باسم العادات والتقاليد , و باسم الطائفية , وباسم الحزبية والشللية , والمحرّض دائماً العصبية العمياء , وثقافة " لا أريكم إلاّ ما أر " , والجاهلية القديمة التي يمثلها تعبير الشاعر العربي القديم الذي قال باستعلائية ما بعدها استعلائية : " ويشرب غيرنا كدراً وطينا " أو الآخر الذي قال : " لنا الصدر دون العالمين أو القبر !" هذه الثقافة الإقصائية يجب أن تموت , ويحل محلها ثقافة احترام الرأي , والرأي الآخر, والدّفع بالتي هي أحسن , وتغليب حسن الظن في الآخرين , و التسامح والمحبة , التي تُعتبر أهم ركائز الحوار البنّاء . يتبـــع . " أقبح الاعذار في التاريخ هي التي تُساق لتبرير موت الحُبّ " |
| ||||
رد: نماذج إنترنتية فاسدة ! اقتباس:
ياليت هالدرر يخصصولها برنامج عالـ mbc بدل برنامج :: لو ::لي اروى الكريهه ... متابعه .. غَيِرْ قًًابِلهَ لِلأَشتعَِالْ ..؟! |
| |||
رد: نماذج إنترنتية فاسدة !
تعرية جميلة لواقع قبيح خذ هذه أيضا نحن أكبر مجتمع يدعي الفضيلة , كما أننا أكبر مجتمع دخولا على المواقع الاباحية !! لو قلت لك النسبة لن تصدقني إبحث عنها ! الامر يحتاج الى دراسة تاريخية وتجريبية ووصفية ! هذا جزاء امرئ أقرانه درجوا من قبله فتمنى فسحة الاجل ! |
| |||
رد: نماذج إنترنتية فاسدة ! ـ 3 ـ أماالشريحة الثالثة فهي شريحة " النقاد الجدد " الذين يمارسون الأستذة المصطنعة عادة على الكثير من كتاب الإنترنت ممارسة تدعو للرثاء والضحك معاً ! ويحسن بنا قبل الحديث عن هذه الشريحة الإشارةإلى قضية النقد مالها وما عليها . أن الحديث عن النقد يقودنا بالضرورة إلى الحديث عن الكتابة , حيث أن علاقة النقد بالكتابة كما أكّد الكثير من الكُتّاب والمفكرين على أنها علاقة تلازمية , أيّ أنهما وجهان لعملة واحدة , برغم الجدل البيزنطي الذي يثور بين فينة وأخرى ما بين أرباب وأنصارالفريقين حيث أن كثير من الكُتّاب يجردون النقد من أهميته ورسالته على أساس أنه عديم الجدوى , وفي المقابل يدافع النقاد عن مهنتهم ويؤكدون على أن النقد كان وما يزال يحمل رسالة عظيمة , وأنه عن طريقه تم رسم , وتعديل الكثير من المسارات الكتابية , وبصرف النظر عن السؤال القائم الذي يدور داخل أروقة الفريقين : عن أيهما أفاد الآخر ؟ تظل الكتابة في رأيي المتواضع مُتنفس وتعبير حقيقى عما يدور في الأعماق بغض النظرعن تباين , وتفاوت هذا التعبير من حيث الوضوح , والغموض , والبساطة , والتعقيد , ويبقى النقد أو يجب أن يبقى مجرد انعكاس ذوقى للممارسة الكتابية , لا عميلة محاسبة ومقاضاة لها ! وإذا كانت بعض المدارس النقدية قد وضعت بعض المواصفات والشروط التي يجب توافرها في الناقد كالثقافة الواسعة , والذكاء الشخصي المتقد , والحساسية المهارية , والقدرة الكتابية , فإن الحقيقة التي لا يجب أن تغيب عن أذهان الكثير من النقاد هي أن المعالجة النقدية مهما بلغت من درجات الموضوعية فإنها تظل تراوح في المجال الذاتي المحض القائم على اعتبارات ذوقية خالصة كما قال بذلك ستانلي هايمن . هذه الحقيقة التي تسيطرعلى كل ناقد حقيقياً كان أم مزيف لا تظهر عادة على السطح لأنها متوارية في أحراش اللاشعور ! تعزز الفكرة الجميلة والرائعة عند أصحاب المدرسة السلوكية الذين قالوا : " بأن الأدب ليس إلاّ رجلاً يكتب , ورجلاً يقرأ , ولا شيء غير ذلك " . ولو جاز لنا تحريف هذه العبارة الجميلة على هذا النحو وقلنا : " بأن الأدب ليس إلاّ رجلاً يكتب , ورجلاً يتذوق ما يقرأه , ويتجاوز مالا يناسب ذائقته " لربما استطعنا حل الكثير من المشاكل الأدبية , وأرحنا أنفسنا من قضية التعذيب النفسي الذي أُبتلي به الكثير من القرّاء وأدعياء النقد ! يقول ستانلي هايمن في كتابه المدارس الأدبية الحديثة : " أن المدارس الأدبية تركز على مبدأين يحتلان الجزء الأهم من خصائص النقد الأول : أن الأدب نوع من التعليم الأخلاقي , والثاني أنه في أساسه نوع من اللذة والمتعة ." اللذة والمتعة هي مربط الفرس , أو السطر الأخير كما يقول التعبير الإنجليزي ! اللذة والمتعة هي التي يفتقدها الكثير من كُتّاب الحداثة هذه الأيام وذلك عندما أصبحت الطلاسم والألغاز والأحاجي هي منهجهم , وطريقتهم في العملية الكتابية , الأمر الذي افسدوا معه ذائقتنا الأدبية بذلك الحشو الفارغ الذي يكتبونه , وعلى الضفة الأخرى ظهرت شريحة " النقاد المتطوعين " الذين راحوا يتطوعون في إصدار مذكرات تحليلية , وتفسيرية لهذا الفراغ المكتوب , لمحاولة فرضه على ذائقة القارئ ! حتى توهم أولئك الكُتّاب أن منهجهم وخطهم الكتابى الغامض له قبول ورواج في المشهد الثقافي , وصدّق في الجانب الآخر أولئك المتطوعين أنهم قد جاءوا بما لم تأتي به الأوائل ! حقيقة الأمر لا أعرف من أين جاء ذلك الوهم الذي عشش ـ لا أجد حقيقة تعبير آخر ـ في أذهان الكثير من كُتّاب الحداثة على أن النص الأدبي سواء كان شعرياً , أو روائيا , أو غيرهما , يجب أن يكون غامضاً كي يغوص القارئ في أعماقه للبحث عن المعاني المدفونة فيه , وتالياً استخراجها إذا كان هناك فعلاً من الأساس معاني ؟! ولا أعرف أيضاً هذاالإصرار العجيب من جماعة " النقاد المتطوعين " على فرض هذه الخزعبلات التي لايفهمها حتى أصحابها على أنها منهج جديد في المسار الأدبي , وفتح مبين في تاريخ الأدب ؟ هذا الإصرار على فرض الذائقة على الآخرين تحت ذريعة النقد يعكس بوضوح مدى حجم الخلل النفسي الكبيرالمتمثل في " الماسوشية " الذين يتلذذون بتعذيب أنفسهم , وتعذيب الآخرين ! أن العملية القرائية كما قال أحد المفكرين عملية امتاعية , وليست عملية تعذيبية ! فأنا عندما أقرأ يجب أن أقرأ للمتعة الذهنية والروحية وليس للتعذيب الذهنى والروحى كما يفعل الكثير من كُتّاب الحداثة وأتباعهم الشُرّاح ! وبالعودةإلى " شريحة النقاد الجدد " أقول برغم إيماني التام بالنقد , ومدارسه , وأدواته , ومهاراته المختلفة , إلاّ أنني أرفض تماما شريحة أرباع المثقفين من " النقادالإلكترونيين " الذين فهموا شيئا وغابت عنهم أشياء , الذين يدّعون الأستاذية على كثير من كتّاب الفضاء الإلكتروني وذلك بفرد عضلاتهم الثقافية بطرق مكشوفة غالباً , ومقززة في أغلب الأحوال وزادهم المعرفي لا يتجاوز قراءة كم كتاب , ومعرفة كم معلومة ! ولا أجد حقيقة وصفاً ينطبق على هؤلاء المتعالمين إلاّ المثل العامي الذي يقول " يتعلّم الحلاقة في رؤوس المساكين !" وليت شعري لو أن ذلك الاستعراض الثقافي النقدي يتم في أجواء ملؤها الود والمحبة والتقدير, لقلنا ربما يهون الأمر, ولكنه بجانب افتقاره إلى أبسط أدوات النقد , يخلو للأسف من أبسط مقومات الذوق العام الأمر الذي ينطبق عليه المثل العربي حشفاً وسوء كيل ! فإذا كانت المدارس النقدية أكّدت على أن النقد يجب أن يقوم من الناحية المنهجية على أساسات متينة , وقواعد صلبة , وينطلق من منطلقات سليمة , فإنه لا يجب في ذات الوقت أن نغفل الركن الأصيل أوحجرالزاوية في قضية النقد وهي الناحية الأخلاقية المتمثلة في التعامل الإنساني الراقي والمتحضر مع كل طرح بعيداً عن التجريح الشخصي , والشخصنة , والندية التي تطفح بها مداخلات " النقاد الجدد " ! ولا أجد حقيقة في هذا المجال أفضل من الاستشهاد بحديث أحد الكُتّاب الرائعين الذي كتب عن النقد الإلكتروني باستفاضة جميلة حيث قال : " ربما اعتاد القارئ والمتابع للمقالات والكتابات الأدبية المنشورة في الإنترنت وعلى صفحات المنتديات أن يرى تلك التعليقات الساخرة التي تقلل من قيمة ما كُتب والتي لا تُعبّر عن رسالة الأدب السامية وهدف النقد الأسمى , والذي يفترض أن يكون نقداً موضوعيا هادفا يرقى ويرتقي بالنص الأدبي إلى أفق أرحب وأجمل , يغربله بالطريقة المناسبة , يصوّب الخطأ , ويقيم المعوج منه دون المساس بشخص الكاتب أو الإشارة إليه , بل يستخرج أخطاءه , ويمحصها معتمدا في ذلك على ثقافته التي لا بد أن تكون في مستوى يؤهله كي يكون ناقداجيدا , بل يتوقع منه أن يكون أعلى ثقافة من الأديب نفسه فهوالمسؤول والشريك في ارتقاء الذائقة الجمالية لدى الكاتب والقارئ على حد سواء . والناقدالموضوعي الإيجابي هو من يقيس النص الذي بين يديه بمقاييس اللغة , والنحو , والبيان , وعلوم الأدب , ومدى تمكن الكاتب منها وقوته الأدبية بعيدا عن الشخصنة , والسلبية, والندية فإن استوفى هذا النص كل الشروط السابقة , فإن له الحق في منحه الاحترام , ومنحه حقه الطبيعى في نقد هادف بنّاء مُعِين على صقل الموهبة وتطوير الأدوات الكتابية لدى الكاتب , خاصة إن كان هذا النص يحمل فكراً نيّراً , وصورا بديعية جميلة متميزة بعيدة عن الرمزية التي تحيد بالنص عن الفهم والاستساغة من قبل القارئ , متوسط بين لتكلف في المعاني والعبارات , وبين السطحية الساذجة الخالية من لمسات إبداعية للكاتب . ويضيف الكاتب : الناقد المثقف هو من يمتلك القدرة على التفريق بين النص الجيد والنص الرديء , بين الزائف والأصيل بما يمتلك من أدوات الحجة والبرهان في كل ما يقول , وهذا يجعل ثقافة الناقد تحت المجهر , فإن كان قليل الثقافة , أو لا يمتلك علماً أو درايةً بالموضوع محل النقد فإن ذلك مما يظلم النص وينقص حقه ويقلل من قدره , والدليل ما نشاهده في المنتديات من تعليقات القراء على النصوص المكتوبة حيث الاستهتار وعدم تقديرالكاتب ونصه ممايفقده جماله . أما إن كان الناقد مثقفا واسع الإطلاع , إيجابي المقصد وهو المصّوب والمصحح والمدقق لما بين يديه من نصوص , فإن ذلك يرفع النص ويضفي عليه بعدا جماليا آخر كمن يخرج من روح النص نصا جديدا لا يقل عن النص الأصلي جمالا وروعة , كل ذلك محاط بأسلوب هين لين خاليا من المجاملة والمبالغة ومن العبارات الخارجة عن الأدب . ويبين الكاتب أنواع النقاد : الناقد لايخرج عن ثلاثة : 1ناقد إيجابي مثقف منصف , حيادي . 2ناقد متطرف لفكر أو فئة . 3ناقد مستهتر ميّال لشخصنة نقده ويلقي بالأحكام والتعليقات جزافا واعتباطا . والناقد بما يتحمل من مسؤولية النقد أمام نفسه أولا , وأمام المجتمع ثانيا واجب عليه الابتعاد عن التحيز والظلم وعليه انتهاج مبدأ الحيادية والموضوعية , وهو الموكل إليه استخراج المزيف من الأصيل دون النظر إلى مصالح أو محسوبيات . أخيرا ... ونحن وإن كنا نطالب الأديب بالكمال فيما يكتب فكذلك علينا أن نطالب الناقد بأن يكون أكثر حرصا فيسعيه للكمال لتتحقق المنفعة وترتقي الفنون الأدبية ويرتقي المجتمع وتزدهر ثقافته . " انتهى . حسناً .. وفي نهاية هذه السطور دعونا نوجه رسالة لهذه الشريحة معشر " النقاد الجدد " ونقول لهم : اتركوا الناس تعبّر وتكتب بما تختزنه دواخلهم بعيداً عن فرض الوصاية بحجة النقد , وبعيدا عن تقمص دور الأستاذ الذي يحاول إسقاط عيوبه ومشاكله النفسية على طلابه . فنحن إذا كنا قد تشرذمنا سياسياً , واقتصادياً , واجتماعياً , فأرجو أن لا يطالنا ذلك التشرذم أدبياً . يتـــبع . " أقبح الاعذار في التاريخ هي التي تُساق لتبرير موت الحُبّ " |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|