في ذات مساء دخلت إلى البيت بعد عودتي من الخارج....صنعت كوب قهوة ووضعته على تلك المنضدة في الجهة اليمنى من غرفتي ، وبجانبها كرسي هزاز اصفر اللون وكأنه يشبه تماما الشمس وقت الغروب جلست عليه ...

بدا المطر بالتساقط سمعت صوت حفيف الرياح وهو يداعب الأشجار ذهابا وإيابا وهي تتراقص معه ...رأيت قطرات الماء وهي تتساقط على النافذة...
أمسكت كوب قهوتي وبدأت في رشف بعض القطرات كانت ساخنة جدا لكن كانت لذيذة ...جال ببالي عدة خواطر أردت تسطيرها ...

أحضرت بعضَ الأوراق ولم انس إحضار قلمي ذاك القلم الذي أتعبته معي منذ عرفني هو من يعيش معي أحزاني وآلامي أتراحي وأفراحي لحظات حنيني ولحظات بكائي هو صديقي الوحيد الذي لا يتذمر مني يوما .......

.بدأت بالكتابة وفي راسي ألف فكرة بدأت اخط حروف وأغلق الكلمات أكملت الجمل وأنهيتها بعلامات استفهام....لمن كنت أوجهه خطابي لا اعلم
في لحظة توقف قلمي عن الكتابة وشعرت به يرتجف ماذا به يا ترى !! سقط من يدي أسرعت بالتقاطه وانأ ألفح غرفتي بنظرات ...

نظرتُ فإذا الضوء أصبح خافتا ...والليل قد غطى الكون بلونه الأسود ..رأيت عدة قصاصات ورق ترتمي في تلك الزاوية كانت صفراء اللون وبجانبها ترقد بعض أقلام تلويني

قد اجتاحها الغبار واعتلاها حتى افقدها لونها البراق ...أين كانت تختبئ فانا لم أرها مسبقا !!
منذ متى وهي هناك وانأ لم المحها قبلا ؟؟؟
أم أن احد قد وضعها هنا لكن لماذا؟؟ولماذا بالذات غرفتي؟؟

علامات استفهام كثيرة رسمتها في مخيلتي وأنا حائرة في إجاباتها..
رمقت سريري بنظرة عن كثب فانا منذ أيام لم أره فقد عدت من بيت خالتي للتو ...
فإذ بى أرى ملاءة سريري قد اعتلاها اللون الأحمر ووسادتي تختلط فيها الألوان مابين ظلام الليل وبياض الصبح واخضرار الزرع واحمرار القلب.....

أتي إلى مخيلتي لون بلاد علمها يشبه تمام لون وسادتي تتقاطر منه دماء الجرحى والقتلى تماما كملاءة سريري ...
بلاد قاربت السنة والنصف ...وهي تعيش في دمار ..أطفالها قد نحروا تماما كما تنحر الإبل... نسائهم اغتصبوا ..ثم بكوا على قتل أولادهم ..ثم ما لبثوا أن رحلوا سريعا إليهم..

شيوخهم وشبابهم يقصفون بالصواريخ والبنادق والدبابات
مٍن من يا ترى؟؟؟
من يهود ........من مسيحيين........من نصارى مغتصبين؟؟

لا والله بل من أخوانهم من جيرانهم من أهل بلادهم الشبيحة الخونة الذين باعوا دماء إخوانهم بقليل من المال ساوموا دموعا ودماء بههلات تتقاطر إلى جيوبهم وهي تحمل الذل والعار هكذا هم شبيحة بشار.....

وعرب امتنا لاهون مابين التلفاز والانترنت والهواتف النقالة ....شباب امتنا شبابُُ ... قد أدمن السكوت....
آلا ترهف قلوبهم لمنظر الدماء....لصوت الصرخات والآهات....أليسوا إخوة تحت راية الإسلام مجتمعين؟؟
وبالله موحدين؟؟

إن فزعوا يوما قاموا بتغير صورهم وغردوا في شبكات التواصل...
"أين أنت يا صدام لترى ماذا فُعل من بعدك ببلاد الشام"

شد انتباهي وجود شي اسود يغطي تلك الدماء التي ملئت سرير ومازالت تتقاطر هناك في سوريا
انه جهاز التحكم ...
أخذته وفتحت التلفاز وكان على قناة العربية ...كان يعرض مجزرة وأي مجزرة بالتاريخ أنها مجزرة الحولة ...

تلك المجزرة التي ضاع فيها خمس وخمسون طفلا ذبحوا هم وأمهاتهم...
الملائكة تنزل لتستقبل وفدا جديدا من الأرواح البريئة التي خرجت من أجسادها كل لحظة وحين بدون ذنب بدون اختيار....

كان كل هدفها عيش حياه أفضل فكان جزائها الموت والنحر وسفك الدماء....

رأيت طفلا يقول لقاتله يا عمي ...يا عمي حٍد سكينك وانحرني بسرعة وقاتله ينظر إليه ويبدأ بنحره والدماء تسيل والآهات تعلوا وأمه تلك المسكينة التي يتقطع قلبها مقيده بسلاسل
تحاول الهرب والفلات طفلها وفلذة كبدها يموت أمام عينيها وهي تصرخ باسمه حتى ارتفعت روحه مع أبناء وطنه وسقط جسدا قد فارق الحياة ...
.والشبيحة هنالك يضحكون ...

ورأيت فتى قد فقعت عيناه ...وأخر مبتورة رجلاه...وثالث تتقاطر من كل مكان بجسده الدماء....
رق قلبي فتاه لم تتجاوز الرابعة من عمرها بملابس ممزقة ويد مبتورة تبكي فقد فارقت أبويها بالأمس وها هي الآن في العراء تنتظر موعد رحيلها إليهم....

وشاهدت آمراه وكان أنينها سكاكين وخناجر تفجج في صدري ...آمراه فقدت أولادها العشرة وزوجها وطفلها الذي لم يتجاوز عامه الأول قٌتل أمام عينيها ......
ولمحت منظر ذاك المكان الذي تم فيه نحر الأطفال مكان أشبة بمذبحة للحيوانات ...نعم إنها كانت مذبحة لكن مذبحة للبشر ...

أغلقت التلفاز سريعا لم اعد احتمل رؤية المزيد ...فكيف بمن يعيشونه فكيف بمن قتلوا هناك كيف ؟؟

أسرعت وارتميت على أريكتي ..أحسست ببرد يلفح عظمي ...كان الجو باردا جدا وكأن الدم في جسدي قد توقف عن الحركة ....
أمسكت كوب قهوتي علها أن تشعرني قليلا بالدفء ...وإذا بى أجدها باردة قد فقدت نكهتها ...وكأنها كانت تعيي هي الأخرى لما يدور من حولها ..

.تركتها وقمت قليلا أقف أمام النافذة رأيت المطر مازال يتساقط رأيت القمر وقد بدا شاحب اللون يعتليه الهم والحزن....

كان يتمتم بعدة كلمات لم افهمها اقتربت من النافذة وكآني سمعته يقول يا سوريا لك الله لك الله يا سوريا لك الله .... يا ارض الشام اصبري فالفرج قادم....

أحسست باني اختنق وبان الهواء قد هرب من غرفتي من شده ماراه من الحزن بدأت بالسعال وصدري يضيق أسرعت وخرجت إلى الحديقة علني أن أجد هناك نسمات هواء اشتمها ....

كان المطر يهطل بقوه وقفت انظر إلى السماء ولا ادري أكنت ابكي أم أن المطر هو من يداعب جفناي ...

سمعت صوت البرق كان عاليا مفزع ..

.وفي لحظة وبدون شعور صرخت عاليا لماذا لا اعلم ولكني أحسست بان كل الم بداخلي يخرج من صرختي ..
.صرخت وبكيت على أرواح سنحاسب عليها يوم القيامة على تفريطنا فيها وجلوسنا مكتوفي الأيدي ...
نخوض في ملذات وإخواننا في كل يوم يزيد لديهم عدد الأموات وتٌطلق على الموتى والقتلى والجرحى الصرخات والآهات....

جثيت على ركبتي وأنا اردد حسبي الله ونعم الوكيل ...رأيت قلمي يقف بجانبي متى أتي!! وكيف!! لا اعلم....

لكنه نظر إلي قائلا ستعود حرة ستعود أوليس لنا يا رفيقتي ربا يقول للشيء كن فيكون!!
لا تحزني حبيبتي وادعي لهم عل دعائك في هذا الوقت ان يستجاب ...
أغمضت عيني وآنا اردد يا أنسام الحرية حلقي قريبا من سوريا فهي تنتظرك منذ زمن .....

فتاةٌ مَن الماضي ْ
@nour_aleiman
22_7_1433